نام کتاب : بدائع الصنائع نویسنده : أبي بكر الكاشاني جلد : 1 صفحه : 266
والمتقدم ليس بمأمور من جهة السلطان أو نائبه فلم يجز تقدمه فاما سائر الصلوات فاقامتها غير متعلقة بالامام وبخلاف ما إذا استخلف الكافر مسلما فأدى الجمعة لا يجوز وإن كان الكافر قادرا على اكتساب الأهلية بالاسلام لان هذا من أمور الدين وهو يعتمد ولاية السلطنة ولا يجوز ان يثبت للكافر ولاية السلطنة على المسلمين فلم يصح استخلافه بخلاف المحدث والجنب والله أعلم ولو قدم مسافرا أو عبدا أو مكاتبا وصلى بهم الجمعة جاز عندنا خلافا لزفر لان هؤلاء من أهل إقامة الجمعة على ما بينا هذا إذا قدم الامام أحدا فإن لم يقدم وتقدم صاحب الشرط أو القاضي جاز لان هذا من أمور العامة وقد قلدهما الامام ما هو من أمور العامة فنزلا منزلة الامام ولان الحاجة إلى الامام لدفع التنازع في التقدم وذا يحصل بتقدمهما لوجود دليل اختصاصهما من بين سائر الناس وهو كون كل واحد منهما نائبا للسلطان وعاملا من عماله وكذا لو قدم أحدهما رجلا قد شهد الخطبة جاز لأنه ثبت لكل واحد منهما ولاية التقدم على ما مر فتثبت ولاية التقدم لان كل من يملك إقامة الصلاة يملك إقامة غيره مقامه وأما الجماعة فالكلام في الجماعة في مواضع في بيان كونها شرطا للجمعة وفي بيان كيفية هذا الشرط وفي بيان مقداره وفي بيان صفة القوم الذين تنعقد بهم الجمعة اما الأول فالدليل على أنها شرط ان هذه الصلاة تسمى جمعة فلابد من لزوم معنى الجمعة فيه اعتبارا للمعنى الذي أخذ اللفظ منه من حيث اللغة كما في الصرف والسلم والرهن ونحو ذلك ولان ترك الظهر ثبت بهذه الشريطة على ما مر ولهذا لم يؤد رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة الا بجماعة وعليه اجماع العلماء وأما بيان كيفية هذا الشرط فنقول لا خلاف في أن الجماعة شرط لانعقاد الجمعة حتى لا تنعقد الجمعة بدونها حتى أن الامام إذا فرغ من الخطبة ثم نفر الناس عنه الا واحدا يصلى بهم الظهر دون الجمعة وكذا لو نفروا قبل ان يخطب الامام فخطب الامام وحده ثم حضروا فصلى بهم الجمعة لا يجوز لان الجماعة كما هي شرط انعقاد الجمعة حال الشروع في الصلاة فهي شرط حال سماع الخطبة لان الخطبة بمنزلة شفع من الصلاة قالت عائشة رضي الله عنها إنما قصرت الجمعة لأجل الخطبة فتشترط الجماعة حال سماعها كما تشترط حال الشروع في الصلاة واختلفوا في أنها هل هي شرط بقائها منعقدة إلى آخر الصلاة قال أصحابنا الثلاثة انها ليست بشرط وقال زفر انها شرط للانعقاد والبقاء جميعا فيشترط دوامها من أول الصلاة إلى آخرها كالطهارة وستر العورة واستقبال القبلة ونحوها حتى أنهم لو نفروا بعد ما قيد الركعة بالسجدة له ان يتم الجمعة عندنا وعند زفر إذا نفروا قبل ان يقعد الامام قدر التشهد فسدت الجمعة وعليه ان يستقبل الظهر وجه قوله أن الجماعة شرط لهذه الصلاة فكانت شرط الانعقاد والبقاء كسائر الشروط من الوقت وستر العورة واستقبال القبلة وهذا لان الأصل فيما جعل شرطا للعبادة أن يكون شرطا لجميع أجزائها لتساوي أجزاء العبادة الا إذا كان شرطا لا يمكن قرانه لجميع الاجزاء لتعذر ذلك أو لما فيه من الحرج كالنية فتجعل شرطا لانعقادها وهنا لا حرج في اشتراط دوام الجماعة إلى آخر الصلاة في حق الامام لان فوات هذا الشرط قبل تمام الصلاة في غاية الندرة فكان شرط الأداء كما هو شرط الانعقاد ولهذا شرط أبو حنيفة دوام هذا الشرط ركعة كاملة وذا لا يشترط في شرط الانعقاد بخلاف المقتدى لان استدامة هذا الشرط في حق المقتدى يوقعه في الحرج لأنه كثيرا ما يسبق بركعة أو ركعتين فجعل في حقه شرط الانعقاد لا غير وجه قول أصحابنا الثلاثة ان المعنى يقتضى أن لا تكون الجماعة شرطا أصلا لا شرط الانعقاد ولا شرط البقاء لان الأصل أن يكون شرط العبادة شيئا يدخل تحت قدرة المكلف تحصيله ليكون بقدر الوسع الا إذا كان شرطا هو كائن لا محالة كالوقت لأنه إذا لم يكن كائنا لا محالة لم يكن للمكلف بد من تحصيله ليتمكن من الأداء ولا ولاية لكل مكلف على غيره فلم يكن قادرا على تحصيل شرط الجماعة فكان ينبغي أن لا تكون الجماعة شرطا أصلا الا انا جعلناها شرطا بالشرع فتجعل شرطا بقدر ما يحصل قبول حكم الشرع وذلك يحصل بجعله شرط الانعقاد فلا حاجة إلى جعله شرط البقاء وصار كالنية بل أولى لان في وسع المكلف تحصيل النية لكن لما كان في استدامتها حرج جعل شرط الانعقاد دون البقاء دفعا للحرج فالشرط الذي لا يدخل تحت ولاية العباد أصلا أولى أن لا يجعل شرط البقاء
266
نام کتاب : بدائع الصنائع نویسنده : أبي بكر الكاشاني جلد : 1 صفحه : 266