نام کتاب : بدائع الصنائع نویسنده : أبي بكر الكاشاني جلد : 1 صفحه : 263
معاملات الناس فيكون دلالة على غرضهم وأما في أمر بين العبد وبين ربه فيعتبر فيه حقيقة اللفظ لغة وقد وجد على أن هذا القدر من الكلام يسمى خطبة في المتعارف ألا ترى إلى ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للذي قال من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن عصاهما فقد غوى بئس الخطيب أنت سماه خطيبا بهذا القدر من الكلام وأما سنن الخطبة فمنها أن يخطب خطبتين على ما روى عن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه قال ينبغي أن يخطب خطبة خفيفة يفتتح فيها بحمد الله تعالى ويثنى عليه ويتشهد ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويعظ ويذكر ويقرأ سورة ثم يجلس جلسة خفيفة ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى يحمد الله تعالى ويثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويكون قدر الخطبة قدر سورة من طوال المفصل لما روى عن جابر بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين قائما يجلس فيما بينهما جلسة خيفية ويتلو آيات من القرآن وكان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري يستحب أن يقرأ الخطيب في خطبته يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ثم القعدة بين الخطبتين سنة عندنا وكذا القراءة في الخطبة وعند الشافعي شرط والصحيح مذهبنا لان الله تعالى أمر بالذكر مطلقا عن قيد القعدة والقراءة فلا تجعل شرطا بخبر الواحد لأنه يصير ناسخا لحكم الكتاب وانه لا يصلح ناسخا له ولكن يصلح مكملا له فقلنا إن قدر ما ثبت بالكتاب يكون فرضا وما ثبت بخبر الواحد يكون سنة عملا بهما بقدر الامكان وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه كان يخطب خطبة واحدة فلما ثقل أي أسن جعلها خطبتين وقعد بينهما فهذا دليل على أن القعدة للاستراحة لا انه شرط لازم ومنها الطهارة في حالة الخطبة فهي سنة عندنا وليست بشرط حتى أن الامام إذا خطب وهو جنب أو محدث فإنه يعتبر شرطا لجواز الجمعة وعند أبي يوسف لا يجوز وهو قول الشافعي لان الخطبة بمنزلة شطر الصلاة لما ذكرنا من الأثر ولهذا لا تجوز في غير وقت الصلاة فيشترط لها الطهارة كما تشترط للصلاة ولنا انه ليس في ظاهر الرواية شرط الطهارة ولأنها من باب الذكر والمحدث والجنب لا يمنعان من ذكر الله تعالى والاعتبار بالصلاة غير سديد ألا ترى انها تؤدى مستدبر القبلة ولا يفسدها الكلام بخلاف الصلاة ثم لم يذكر إعادة الخطبة ههنا وذكر في اذان الجنب انه يعاد والفرق ان الاذان تحلى بحلية الصلاة وهي استقبال القبلة بخلاف الخطبة فكان الخلل المتمكن في الاذان أشد وكثير النقص مستحق الرفع دون قليله كما يجبر نقص ترك الواجب بسجدتي السهو دون ترك السنن ويحتمل أن تكون الإعادة مستحبة في الموضعين كذا ذكر في نوادر أبى يوسف انه يعيدها وان لم يعدها جاز لأنه ليس من شرطها استقبال القبلة هكذا ذكر أشار إلى أنها ليست نظير الصلاة فلا تشترط لها الطهارة الا انها سنة لان السنة هي الوصل بين الخطبة والصلاة ولا يتمكن من إقامة هذه السنة الا بالطهارة ومنها أن يخطب قائما فالقيام سنة وليس بشرط حتى لو خطب قاعدا يجوز عندنا الظاهر النص وكذا روى عن عثمان انه كان يخطب قاعدا حين كبروا سن ولم ينكر عليه أحد من الصحابة الا انه مسنون في حال الاختيار لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما وروى أن رجلا سأل ابن مسعود رضي الله عنه أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائما أو قاعدا فقال ألست تقرأ قوله تعالى وتركوك قائما ومنها أن يستقبل القوم بوجهه ويستدبر القبلة لان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا كان يخطب وكذا السنة في حق القوم أن يستقبلوه بوجوههم لان الاسماع والاستماع واجب للخطبة وذا لا يتكامل الا بالمقابلة وروى عن أبي حنيفة انه كان لا يستقبل الامام بوجهه حتى يفرغ المؤذن من الاذان فإذا أخد الامام في الخطبة انحرف بوجهه إليه ومنها أن لا يطول الخطبة لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتقصير الخطب وعن عمر رضي الله عنه أنه قال طولوا الصلاة وقصروا الخطبة وقال ابن مسعود طول الصلاة وقصر الخطبة من فقه الرجل أي أن هذا مما يستدل به على فقه الرجل وأما محظورات الخطبة فمنها انه يكره الكلام حالة الخطبة وكذا قراءة القرآن وكذا الصلاة وقال الشافعي إذا دخل الجامع والامام في الخطبة ينبغي أن يصلى ركعتين خفيفتين تحية المسجد احتج الشافعي بما روى عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنه أنه قال دخل سليك الغطفاني يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم بخطب فقال له
263
نام کتاب : بدائع الصنائع نویسنده : أبي بكر الكاشاني جلد : 1 صفحه : 263