نام کتاب : بدائع الصنائع نویسنده : أبي بكر الكاشاني جلد : 1 صفحه : 118
وفيما وراءه يرد إلى أصل القياس ثم جملة الكلام في هذا الشرط ان المصلى لا يخلو اما إن كان قادرا على الاستقبال أو كان عاجزا عنه فإن كان قادرا يجب عليه التوجه إلى القبلة إن كان في حال مشاهدة الكعبة فإلى عينها أي أي جهة كانت من جهات الكعبة حتى لو كان منحرفا عنها غير متوجه إلى شئ منها لم يجز لقوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وفى وسعة تولية الوجه إلى عينها فيجب ذلك وإن كان نائيا عن الكعبة غائبا عنها يجب عليه التوجه إلى جهتها وهي المحاريب المنصوبة بالامارات الدالة عليها لا إلى عينها وتعتبر الجهة دون العين كذا ذكر الكرخي والرازي وهو قول عامة مشايخنا بما وراء النهر وقال بعضهم المفروض إصابة عين الكعبة بالاجتهاد والتحري وهو قول أبى عبد الله البصري حتى قالوا إن نية الكعبة شرط وجه قول هؤلاء قوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره من غير فصل بين حال المشاهدة والغيبة ولان لزوم الاستقبال لحرمة البقعة وهذا المعنى في العين لا في الجهة ولان قبلته لو كانت الجهة لكان ينبغي له إذا اجتهد فأخطأ الجهة يلزمه الإعادة لظهور خطئه في اجتهاده بيقين ومع ذلك لا تلزمه الإعادة بلا خلاف بين أصحابنا فدل ان قبلته في هذه الحالة عين الكعبة بالاجتهاد والتحري وجه قول الأولين ان المفروض هو المقدور عليه وإصابة العين غير مقدور عليها فلا تكون مفروضة ولان قبلته لو كانت عين الكعبة في هذه الحالة بالتحري والاجتهاد لترددت صلاته بين الجواز والفساد لأنه ان أصاب عين الكعبة بتحريه جازت صلاته وان لم يصب عين الكعبة لا تجوز صلاته لأنه ظهر خطأه بيقين الا أن يجعل كل مجتهد مصيبا وانه خلاف المذهب وقد عرف بطلانه في أصول الفقه أما إذا جعلت قبلته الجهة وهي المحاريب المنصوبة لا يتصور ظهور الخطأ فنزلت الجهة في هذه الحالة منزلة عين الكعبة في حال المشاهدة ولله تعالى أن يجعل أي جهة شاء قبلة لعباده على اختلاف الأحوال واليه وقعت الإشارة في قوله تعالى سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ولأنهم جعلوا عين الكعبة قبلة في هذه الحالة بالتحري وانه مبنى على تجرد شهادة القلب من غير امارة والجهة صارت قبلة باجتهادهم المبنى على الامارات الدالة عليها من النجوم والشمس والقمر وغير ذلك فكان فوق الاجتهاد بالتحري ولهذا أن من دخل بلدة وعاين المحاريب المنصوبة فيها يجب عليه التوجه إليها ولا يجوز له التحري وكذا إذا دخل مسجد الا محراب له وبحضرته أهل المسجد لا يجوز له التحري بل يجب عليه السؤال من أهل المسجد لان لهم علما بالجهة المبنية على الامارات فكان فوق الثابت بالتحري وكذا لو كان في المفازة والسماء مصحية وله علم بالاستدلال بالنجوم على القبلة لا يجوز له التحري لان ذلك فوق التحري وبه تبين ان نية الكعبة ليست بشرط بل الأفضل أن لا ينوى الكعبة لاحتمال أن لا تحاذي هذه الجهة الكعبة فلا تجوز صلاته ولا حجة لهم في الآية لأنها تناولت حالة القدرة والقدرة حال مشاهدة الكعبة لا حال البعد عنها وهو الجواب عن قولهم إن الاستقبال لحرمة البقعة ان ذلك حال القدرة على الاستقبال إليها دون حال العجز عنه وأما إذا كان عاجزا فلا يخلو اما إن كان عاجزا بسبب عذر من الاعذار مع العلم بالقبلة واما إن كان عجزه بسبب الاشتباه فإن كان عاجز العذر مع العلم بالقبلة فله أن يصلى إلى أي جهة كانت ويسقط عنه الاستقبال نحو أن يخاف على نفسه من العدو في صلاة الخوف أو كان بحال لو استقبل القبلة يثب عليه العدو أو قطاع الطريق أو السبع أو كان على لوح من السفينة في البحر لو وجهه إلى القبلة يغرق غالبا أو كان مريضا لا يمكنه أن يتحول بنفسه إلى القبلة وليس بحضرته من يحوله إليها ونحو ذلك لان هذا شرط زائد فيسقط عند العجز وإن كان عاجزا بسبب الاشتباه وهو أن يكون في المفازة في ليلة مظلمة أو لا علم له بالامارات الدالة على القبلة فإن كان بحضرته من يسأله عنها لا يجوز له التحري لما قلنا بل يجب عليه السؤال فإن لم يسأل وتحرى وصلى فان أصاب جازوا لا فلا فإن لم يكن بحضرته أحد جاز له التحري لان التكليف بحسب الوسع والامكان وليس في وسعه الا التحري فتجوز له الصلاة التحري لقوله تعالى فأينما تولوا فثم وجه الله وروى أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحروا عند الاشتباه
118
نام کتاب : بدائع الصنائع نویسنده : أبي بكر الكاشاني جلد : 1 صفحه : 118