نام کتاب : البحر الرائق نویسنده : ابن نجيم المصري جلد : 1 صفحه : 194
لتقدم ذكر سببه وهو السماء التي أريد بها المطر فكذلك ما نحن فيه ، فإن العظام له معنيان : أحدهما مراد وهو النفوس مجازا من إطلاق البعض وإرادة الكل ، والمعنى الآخر وهو العظام الحقيقية غير مراد . ثم الضمير في قوله وهي رميم يعود إلى العظام بالمعنى الغير المراد لا بالمعنى المراد وهو النفوس فكان من باب الاستخدام . هذا ما ظهر لي . الثالث ما ذكره في غاية البيان والعناية أن المراد أصحاب العظام على تقدير مضاف . فإن قلت : المفهوم من الآية إحياؤها في الآخرة وأحوالها لا تناسب أحوال الدنيا قلنا : سوق الكلام صريح في الرد على من أنكر عادتها في الآخرة إلى ما كانت عليه في الدنيا بعد أن صارت بالية خالية عن استعداد العود إليها في زعمهم ، وقد استدل بعض مشايخنا لغير العظم ونحوه بقوله تعالى * ( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ) * ووجه الدلالة عموم الآية فإن الله تعالى من علينا بأن جعل لنا الانتفاع ولم يخص شعر الميتة من المذكاة فهو عموم إلا أن يمنع منه دليل . وأيضا فإن الأصل كونها طاهرة قبل الموت بإجماع ، ومن زعم أنه انتقل إلى نجاسة فعليه البيان . فإن قيل : حرمت عليكم الميتة وذلك عبارة عن الجملة قلنا : نخصه بما ذكرنا فإنه منصوص عليه في ذكر الصوف وليس في آيتكم ذكر الصوف صريحا فكان دليلنا أولى . كذا ذكر القرطبي في تفسيره وذكر أن الصوف للغنم والوبر للإبل والشعر للمعز . وقد أجاب الاتقاني في غاية البيان أيضا عن استدلالهم بقوله تعالى * ( حرمت عليكم الميتة ) * ( المائدة : 3 ) بأنا لا نسلم أن المراد منه حرمة الانتفاع ، فلم لا يجوز أن يكون المراد منه حرمة الاكل بدليل ما رويناه في حديث مولاة ميمونة ؟ ولئن قال الشافعي في بعض هذه الأشياء رطوبة فنقول نحن نقول أيضا بنجاسته إذا بقيت الرطوبة ، وكلامنا فيما إذا لم تبق الرطوبة في العظم والحافر والظلف ونحوه وإذا غسل الشعر ونحوه وأزيل عنه الدم المتصل والرطوبة النجسة . ولئن قال الشعر ينمو بنماء الأصل فنقول : نعم ينمو لكن لا نسلم أن النماء يدل على الحياة الحقيقية كما في النبات والشجر . وقوله بنماء الأصل غير مسلم أيضا لأنه ينمو مع نقصان الأصل كما إذا هزل الحيوان بسبب مرض فطال شعره ا ه . وقد وقع في الهداية تعريف الموت بزوال الحياة فقال في كشف الاسرار شرح أصول فخر الاسلام من باب الأهلية : الموت عند أهل السنة أمر وجودي لأنه ضد الحياة لقوله تعالى * ( خلق الموت والحياة ) * ( الملك : 2 ) وعند المعتزلة : هو زوال الحياة فهو أمر عدمي . وتفسير صاحب الهداية بزوال الحياة تفسير بلازمه . كذا نقل عن العلامة شمس الأئمة الكردري ا ه . وهكذا أوله في الكافي . وذكر في معراج الدراية أن الموت ضد الحياة والضدان صفتان وجوديتان يتعاقبان على موضوع
194
نام کتاب : البحر الرائق نویسنده : ابن نجيم المصري جلد : 1 صفحه : 194