نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 804
بديهة ، وليس الاكتفاء بالصدق عند الجاهلين بالحال مع تحقّق علمنا بالحال إلاّ كالاكتفاء بصدق اسم الماء على ما نعلم كونه خمراً عند من يجهله ، فيجوز شربه واستعماله في كلّ مشروط بالمطلق الطاهر وهذا كما ترى . ونظير المقام ما لو كان هناك ماء نعلم بأنّ له حالة سابقة وهي النجاسة ووجده من لا يعلم له بهذه الحالة ، فأنّه حينئذ بمقتضى الأصل المقرّر للجاهل الابتدائي يبني على الطهارة ويرتّب عليه أحكامها ، وليس لنا ذلك اتّباعاً له بل تكليفنا البناء على النجاسة عملا بالاستصحاب . وبالجملة : ما ذكره ( رحمه الله ) من الاعتراض في غاية الضعف والسقوط ، ولنرجع إلى تحقيق المسألة . فنقول : إنّ ملاحظة ما نقل من كلماتهم تعطي كون الكلام في حالة الضرورة والاضطرار إلى استعمال هذا الشئ الحاصل بالاختلاط ، وإلاّ لم يكن للحكم على كون الجمع بين الاستعمال والتيمّم أحوط معنى كما لا يخفى . ومن هنا يتبيّن أنّه ليس شئ من الأصلين المتمسّك بهما في كلامي الشيخ وابن البرّاج في محلّه ، أمّا ما تمسّك به الشيخ فليس المقام من مواضع اشتباه التكليف المحتمل للحرمة حتّى يرجع فيه إلى أصل الإباحة ، بل الاشتباه إنّما هو باعتبار الوضع وهو صحّة هذا الاستعمال وترتّب الآثار الشرعيّة عليه من زوال نجاسة أو ارتفاع حدث ، وأصل الإباحة لا ينفع في ذلك شيئاً ، بل المقام في موارد الاستصحاب القاضي هنا ببقاء كلّ من النجاسة والحدث ، والحرمة التشريعيّة الّتي تتأتّى في استعمال المضاف مع العلم بإضافته في التطهيرات لا تتأتّى هنا أيضاً ، لأنّه لا يستعمله على أنّه مضاف وإنّما يستعمله لرجاء كونه مطلقاً . وأمّا ما تمسّك به ابن البرّاج فلأنّ الاحتياط المذكور يعارضه الاحتياط المقتضي للاستعمال ، وذلك لأنّ المقام لكونه مقام ضرورة بالنسبة إلى استعمال ذلك فالأمر دائر بين التكليف بالمائيّة والتكليف بالترابيّة ، لأنّ الأوّل مشروط بوجدان الماء والثاني مشروط بفقدانه ، ولا ريب أنّ الشكّ في الشرط يستلزم الشكّ في المشروط ، فكما أنّ الاقتصار على استعمال هذا الشئ خلاف الاحتياط لاحتمال كونه في الواقع مضافاً ،
804
نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 804