نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 594
ولكن يتوجّه إليه : أنّ المقام ليس من موارد الاستصحاب لمكان العلم ببقاء النجاسة ، إلاّ أن يكون التمسّك به مبنيّاً على المماشاة مع الخصم . وكيف كان فاحتجّ أهل القول بالطهارة بوجوه : منها : ما عن المرتضى ( 1 ) من أنّ البلوغ قدر الكرّ يوجب استهلاكه للنجاسة فليستوي وقوعها قبل البلوغ وبعده . وجوابه : أنّ معنى كون بلوغ قدر الكرّ موجباً لاستهلاك النجاسة أنّ الماء معه لا يتأثَّر عمّا يقع فيه من النجاسة العينيّة الغير المغيّرة وما في حكمها في التأثير كالمتنجّس ، كما أنّ معنى كون الماء البالغ قدر الكرّ مستهلكاً للنجاسة عدم قبوله أثر النجاسة الواقعة فيه وعدم بروز أثر تلك النجاسة فيه وعروضه له ، بحيث كان وجودها فيه بمنزلة عدمها ، فلو اُريد بالمقدّمة الاُولى من الدليل هذا المعنى فهو حقّ متين لا سترة عليه ، لكنّه لا يقتضي الاستواء بين وقوعها قبل البلوغ ووقوعها بعد البلوغ ، ضرورة الفرق بينهما كما بين السماء والأرض ، إذ ليس الكلام في أنّه هل يتأثّر أو لا يتأثّر ؟ بل في أنّه هل يزول عنه الأثر أو لا يزول ؟ ومن البيّن أنّ أحدهما ليس بعين الآخر ولا ملازمة بينهما عقلا ولا شرعاً ، فيكون التعدّي عن أحدهما إلى الآخر قياساً ومع الفارق ، ضرورة أنّ الماء في رفعه الأثر الحاصل ربّما يحتاج إلى ما لا يحتاج إليه في دفعه الأثر الغير الحاصل كما هو معلوم من الشرع . ولو اُريد بها ما زاد على هذا المعنى بدعوى : أنّ الكرّيّة في الماء صفة لا تجامعها صفة النجاسة سابقة ولاحقةً ، وبعبارة اُخرى : أنّ الشرع قد كشف عن كون الكرّيّة مضادّة للنجاسة ولا معنى له إلاّ كونها في مقام الرفع رافعة وفي مقام الدفع دافعة ؛ فهو أوّل الدعوى لمنع قيام الدلالة من الشرع على هذا المعنى ، بل القدر المسلّم قيام الدلالة على أنّ سبق الكرّيّة يوجب في الماء قوّة تعصمه عن حصول أثر النجاسة وحدوثه فيه . ومنها : ما عنه ( 2 ) أيضاً من أنّ الإجماع واقع على طهارة الماء الكثير إذا وجدت فيه نجاسة ولم يعلم هل كان وقوعها قبل بلوغ الكرّيّة أو بعده ، وما ذاك إلاّ لتساوي الحالين ، إذ لو اختصّ الحكم ببعديّة الوقوع لم يكن للحكم بالطهارة وجه ، لأنّه كما
( 1 و 2 ) المسائل الرسيّة الاُولى ( رسائل الشريف المرتضى 2 : 361 و 362 ) .
594
نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 594