نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 400
ففيه أوّلا : أنّه ممّا لا يلائمه قوله ( عليه السلام ) : " أو يكثر أهله " الخ ، ضرورة أنّ الشكّ في تحقّق جهة المنع ، لا يوجب المنع بل ولا يقول به أهل القول بالمنع ، وعليه دعوى الإجماع في كلام غير واحد ، مضافاً إلى ظهور ذلك في كون الماء كثيراً في حدّ الكرّ بل الأكرار ، ولا يقول أحد بالمنع عن الاغتسال فيه ، ليجب الاغتسال في غيره . وثانياً : أنّه معارض باحتمال كون النهي هنا لمجرّد الإرشاد وبيان الواقع ، والتنبيه على عدم الداعي إلى الاغتسال بغير ماء الحمّام مع وجوده ، فيكون تقدير قوله ( عليه السلام ) : " ولا تغتسل من ماء آخر " في حاصل المعنى : أنّه لا داعي إلى الاغتسال من ماء آخر ، ومفاد الاستثناء منه يرجع إلى إثبات الداعي إليه ، وهو أعمّ من إثبات المفسدة المقتضية لمنع الاغتسال بماء الحمّام ، أو الجهة المقتضية لمرجوحيّته ، وهذا كما ترى احتمال ظاهر ، والمعنى المذكور معنى شائع في العرف ، يجري في شئ له طريقان : أحدهما : أكثر مؤنة من الآخر ، وأزيد مسافة أو مشقّة منه ، مثلا فأنت إذا أردت إرشاده إلى اختيار غيره ، وتنبيهه على أنّه ممّا لا داعي إلى اختياره ، قلتَ : " افعل كذا وكذا ، ولا تسلك من الطريق الفلاني " أي لا داعي إلى سلوكه ، وهو مع ظهوره في نفسه بعد تعذّر الحقيقة مؤيّد باستثناء صورة الشكّ أيضاً ، مع ظهورها في كثرة الماء كما عرفت ، ولو سلّم عدم ظهوره فلا أقلّ من عدم ظهور خلافه ، وعلى أيّ تقدير فلا دلالة للرواية على المنع أصلا . ولنختم المقام بذكر اُمور : أحدها : أنّ معقد البحث في هذه المسألة الماء الّذي استعمله المحدث خالياً بدنه عن نجاسة عينيّة أو أثرها ، فلو كان فيه شئ منهما كان الماء ملاقياً له ، فخرج عن هذا العنوان ودخل في عنوان غسالة النجس ، أو مطلق القليل الملاقي للنجاسة ، ومن حكمه أنّه نجس - على ما تقدّم - غير مطهّر أيضاً . وقد تنبّه عليه صاحب الحدائق [1] ونبّه عليه في المنتهى ، قائلا : " متى كان على جسد المجنب أو المغتسل من حيض وشبهه نجاسة عينيّة ، فالمستعمل إذا قلّ عن الكرّ نجس إجماعاً ، بل الحكم بالطهارة إنّما يكون مع الخلوّ من النجاسة العينيّة ، [2] " انتهى .