نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 326
لإزالة النجاسة ، فلا جرم يقال : إنّ ملاقاة النجاسة سبب للانفعال إلاّ فيما كان مزيلا للنجاسة عن محلّ ، فإنّه لا ينفعل بتلك النجاسة . وظنّي أنّ هذه الشبهة إنّما تنشأ عن توهّم كون نفس الملاقاة في الغسلة المطهّرة سبباً لزوال النجاسة عن المحلّ - كما تقدّم التصريح به في أوّل الاستدلال - فإذا فرض أنّها سبب لزوال النجاسة فكيف يمكن فرض كونها سبباً لانفعال الملاقي ، إلاّ على تجويز التناقض أو الجمع بين النقيضين ، ولذا نسب إلى العرف : " أنّه إذا عرض عليهم صيرورة كلّ جزء صغير من الماء بمنزلة عين الأثر الموجود في الثوب من الوسخ أنكروا طهارته به ، وإذا عرض عليهم طهارته به أنكروا صيرورته كذلك " الخ . وأنت خبير بأنّه توهّم فاسد ، فإنّ نفس الملاقاة لا تصلح سبباً للتطهير وإلاّ لما اعتبر فيه العصر ولا الإفراغ ، بل السبب حقيقة هو الغسل ، وهو شئ لا يتأتّى إلاّ مع الملاقاة ، لا أنّه نفس الملاقاة ، فلِمَ لا يجوز صيرورة الماء بملاقاته المحلّ النجس نجساً ، ثمّ إذا تحقّق معه الغسل المعتبر في نظر الشارع باستكمال آدابه وشرائطه وأجزائه أفاد المحلّ الطهارة وزوال النجاسة ، مع بقاء الماء المنفصل على ما كان عليه من النجاسة ، فإنّ النجاسة فيه قد حصلت بالملاقاة ، وطهارة المحلّ قد حصلت بالغسل المتقوّم بتلك الملاقاة ، لا بنفس الملاقاة ، ولا تنافي بينهما أصلا من جهة العقل ، وأمّا من جهة الشرع فهو تابع لدليل الحكمين والمفروض قيامه على كليهما ، أمّا الأوّل : فلعموم أدلّة انفعال القليل بملاقاة النجاسة ، وأمّا الثاني : فلقضاء الشرع بأنّ الغسل بالماء القليل ممّا يوجب زوال النجاسة عن الثوب وغيره ممّا هو قابل له . نعم بملاحظة هذا البيان يتّجه أن يقال - في توجيه التخصيص في أدلّة الانفعال - : إنّ ما قام عليه الدليل إنّما هو كون الغسل بالماء القليل الطاهر سبباً لزوال النجاسة عن المحلّ لا مطلقاً ، فحينئذ يحصل عندنا بملاحظة أدلّة انفعال القليل قضيّتان كلّيّتان : أحدهما : أنّ الغسل بالماء القليل الطاهر سبب لزوال النجاسة . والاُخرى : أنّ كلّ ماء قليل ينفعل بملاقاة النجاسة . ولا يمكن العمل بالقضيّة الاُولى مع إبقاء الثانية على عمومها ، لأنّ مقتضى هذا العموم صيرورة الماء الملاقي لمحلّ النجس نجساً ، ومقتضى صيرورته نجساً عدم تأثيره في
326
نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 326