نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 188
" توضّأ منه " [1] . وجه الدلالة في الأوّلين : أنّ السؤال الوارد فيهما يدلّ على أنّ السائل كان معتقداً بأنّ الماء منه ما لا ينجّسه شئ ، ومنه ما ينجّسه شئ ، ومشتبهاً في تشخيص الموضوع وتمييز الأوّل عن الثاني ، وإنّما سأل الإمام عمّا يرفع ذلك الاشتباه فقرّره الإمام عليه السلام على الاعتقاد المذكور و أجاب له بما رفع الاشتباه فلولا الحكم كما اعتقده السائل لما كان لتقرير الإمام ( عليه السلام ) ولا جوابه بما ذكر وجه ، بل كان عليه الجواب بما يردعه عن هذا الاعتقاد كما لا يخفى . وفي الأخير : أنّ الإمام ( عليه السلام ) قد استفصل عن مقدار الماء الّذي في الحياض ، فلو لم يكن فرق بين قليل الماء وكثيره في الحكم لما كان لذلك الاستفصال وجه ، بل كان لغواً ، وكان عليه الأمر بالتوضّي مطلقاً تنبيهاً للسائل على أنّ الماء بإطلاقه لا ينجّس بما ذكر من النجاسات . واحتمال كون نظره ( عليه السلام ) في ذلك الاستفصال إلى تشخيص ما يتحقّق معه التغيّر الموجب للنجاسة عمّا عداه . يدفعه : أنّ السؤال الوارد في ذلك يأبى عن ذلك ؛ إذ لم يذكر فيه من النجاسات ما يوجب التغيّر بل لم يذكر فيه نجاسة إلاّ ولوغ الكلب ، وهو كما ترى ليس ممّا يوجب التغيّر جدّاً ، ومعه كيف يمكن تنزيل الاستفصال المذكور إلى مراعاة صورة التغيّر . ويمكن تقرير الاستدلال بالخبرين الأوّلين من وجه آخر ، وهو : أنّ مقتضى الجمع بين ما ذكر في السؤال وجواب الإمام المطابق له ، أن يقال : إنّ مفاد الرواية أنّ الماء الّذي لا ينجّسه شئ بعنوانه الكلّي ما كان كرّاً ، أو ما كان عمقه ذراعين وسعته ذراعاً وشبراً ، فينعكس هذه الكلّيّة بطريقة عكس النقيض إلى أنّ ما ليس بكرٍّ وما لا يكون عمقه ذراعين وسعته ذراعاً وشبراً لا يكون بما لا ينجّسه شئ ، ولمّاً كان النفي في النفي ممّا يفيد الإثبات فكان مفاد العكس إثبات النجاسة لما كان فاقداً للوصفين معاً وهو المطلوب ، غير أنّ الدلالة فيهما على هذا التقرير تكون من باب المفهوم ، فيدخلان في عداد أخبار النوع الثالث ، ولا ضير فيه بعد وضوح المطلب .