إسم الكتاب : وضوء النبي ( ص ) ( عدد الصفحات : 472)
غير دفن [1] في بلد كانوا يقدسون فيه منصبه ومكانته ويعتبرونه خليفة المسلمين ، فما يعني إهمالهم له مع وجود كبار الصحابة في المدينة ، ووجود قريش وغيرها من القبائل العربية ، وبني أمية وسائر مواليهم ؟ ! وقد نقلنا سابقا ما جاء في تاريخ الطبري ( حوادث 34 ) ( لما كانت سنة أربع وثلاثين كتب أصحاب رسول الله بعضهم إلى بعض ، أن أقدموا ، فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد . وكثر الناس على عثمان ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد ، وأصحاب رسول الله ( ص ) يرون ويسمعون ، ليس فيهم أحد ينهي ولا يذب إلا نفير ، منهم : زيد بن ثابت ، ( الذي جمع عثمان الصحابة على قراءته ) ، أبو أسيد الساعدي ، كعب بن مالك ، وحسان بن ثابت ، فاجتمع الناس وكلموا علي بن أبي طالب ، فدخل على عثمان فقال : الناس ورائي وقد كلموني فيك ، والله ما أدري ما أقول لك ، وما أعرف شيئا تجهله ولا أدلك على أمر لا تعرفه ، إنك لتعلم ما نعلم . . . ) إلى آخر كلامه الذي مر عليك قبل عدة صفحات . إذن ، المعترضون على عثمان كانوا الناس ، وأنهم كانوا يطلبون الجهاد ضده ، فأخذ يكتب البعض منهم إلى الآخر بذلك ، وليسوا بنفر قلائل جاءوا من مصر والبصرة والكوفة - كما يدعيه البعض - ، وعلى فرض كونهم كذلك . . فهل من المعقول أن يسكت جميع الصحابة عن مواجهتهم وهم يرون خليفة المسلمين في خطر ، وليس منهم أحد ينهي ويذب عنه ؟ وألم يكن ذلك ازدراء بالصحابة ، الذين أبلوا بلاء حسنا مع الرسول في حروبه ؟
[1] أنساب الأشراف 5 : 83 ، المنتظم 5 : 58 ، شرح النهج ، لابن أبي الحديد 2 : 158 و 3 : 64 وكذا في الطبري والكامل والفتوح ، وقد رواه عن الواقدي ، وفيه : وروي إن أهل المدينة منعوا الصلاة عليه حتى حمل بين المغرب والعتمة ، ولم يشهد جنازته غير مروان وثلاثة من مواليه ، ولما أحسوا بذلك رموه بالحجارة وذكروه بأسوأ الذكر .