عثمان فيهما ضحكه إلى أنه قد رأى النبي ( ص ) ضحك بعد وضوئه وقال لأصحابه : ( ألا تسألوني ما أضحكني ) مبررا بذلك ضحكه ودافعا لكل إيهام قد يرد في ذهن السامع ، وإنا نعلم بأن نقل عبارة ( إن العبد إذا دعا بوضوء فغسل وجهه حط الله عنه كل خطيئة أصابها ، فإذا غسل ذراعيه كان كذلك ، وإن مسح برأسه كان كذلك ، وإذا طهر قدميه كان كذلك ) . . . لا يستوجب الضحك ، وأن تعليل ضحك الخليفة رأى النبي ( ص ) قد ضحك في البقعة التي توضأ فيها ، مبالغة في التأكيد على شرعية الغسل الثلاثي وتبريرا لضحكاته وتبسماته وتذييلاته اللاتي تنبئ المشاهد الذكي بأنه بصدد إحداث شئ في الوضوء وجر الأنظار إلى فكرته الوضوئية . وهناك نقطة أخرى ينبغي الإشارة إليها ، وهي اختصاص أغلب الروايات المنقولة عن الخليفة - والصحاح منها بطبيعة الحال - بحمران بن أبان ، كما لم يكن الناقلون عن حمران من المحدثين الكبار ، ولم تنقل عنهم بطرق متعددة وأسانيد قوية معتمدة ، كما هو الشأن في غالب الضروريات الدينية المنقولة عن الخلفاء وكبار الصحابة والتابعين ، وهذا إنما يؤكد ويدعم الرأي الذاهب إلى أن عثمان هو المؤسس لفكرة الوضوء الجديدة ، وأن الملتفين حوله من متأخري الصحبة وصغارهم ، ممن لا حول لهم ولا قوة ، كحمران وابن دارة و . . . ، قد أخذوا على عاتقهم التزام الفكرة ومحاولة بثها بين صفوف المحدثين ، بإخبارهم هذا وذاك بما شاهدوا عن عثمان ، ونقلهم لصفة وضوء رسول الله ! فقد ثبت ولحد الآن : إن عثمان بن عفان هو صاحب المدرسة الوضوئية الجديدة ، وأن ( الناس ) لم يكونوا البادئين بالخلاف ، وإنما كانوا يظهرون غير ما يريده الخليفة ، فاندفع الخليفة بكل قواه الفكرية والدعائية لكسب قاعدة تؤيده فيما رآه أو سمعه عن رسول الله ! !