المذاهب فيه رواية وفتوى ، ثم مقابلتها بآراء أئمة مذهب التعبد المحض ( مذهب أهل البيت ) ، وتشخيص امتداد موارد الخلاف التي حدثت في عهد عثمان ، وما أضيف إليها من جزئيات وفروع في العصور اللاحقة . إن التثليث في غسل الأعضاء وغسل الأرجل كان المدار الأول للاختلاف بين المسلمين في عهد عثمان ، لكنا نراه يتطور ، فنرى ابن عمر يغسل رجليه سبع مرات ويعتبر الوضوء هو الإنقاء . ويروى عن معاوية أنه توضأ للناس ، فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء فتلقاها بشماله حتى وضعها على وسط رأسه حتى قطر الماء أو كاد يقطر ، ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره ومن مؤخره إلى مقدمه [1] . أما مدرسة التعبد المحض فلم ترتض هذا التغيير في الوضوء ، لأنها تعتبر الوضوء من الأمور التوقيفية التعبدية التي يجب فيها الرجوع إلى الشرع ، وأن الوضوء لم يكن عندهم هو الأنقاء حسب قول ابن عمر ، بل هو إتيان ما أمر به الله ، ونزل به القرآن ، وأكد عليه الرسول . وقد وقفت سابقا على كلام أنس بن مالك مع الحجاج وقوله : ( نزل القرآن بالمسح ) ، وكلام ابن عباس مع الربيع ( أبى الناس إلا الغسل ولا أجد في القرآن إلا المسح ) وغيرهم . وتأكيد الجميع على لزوم اتباع ما نزل به الوحي وأتى به رسول الله على نحو السنة . أما ما رواه ابن عمر عن رسول الله أنه ( ص ) قال لما أتى بالغسل الثالث ( هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ) فليس فيه دلالة على كون الفعل قد جئ به على نحو السنة ، بل هو أدل على عدم مشروعية هذا الفعل للناس واختصاصه به ( ص ) ، لإتيانه به بعد الثاني الذي هو فضل وقوله ( ص ) عنه : ( يعطى عليه كفلين ) أو ( يؤجر عليه مرتين ) ، وهو معنى آخر للسنة ، وتصريحه ( ص ) في الغسل الثالث : بقوله ( هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ) لتدل على أنها من مختصاته ، إذ لا معنى لفضل بعد فضل ! ! وعليه فإن هذا الحديث لنفي التثليث