قوله : ( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن ) . فهذا . . إيمان ظاهر + كفر باطن = نفاق . أما أهل التقية فمثلهم مثل مؤمن آل فرعون ، فإنه كان يكتم في الباطن إيمانه ولا يعلم به إلا الله ، ويتظاهر لفرعون وللناس جميعا على أنه على دين فرعون ، خوفا على نفسه من القتل . وقد عظم الله تعالى مبادرته هذه وأشاد بذكره في محكم كتابه : وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه . وقد ذهب إلى العمل بالتقية أكثر العلماء وقد ثبت عن الإمام أبي حنيفة أنه أباح قذف المحصنات وترك الصلاة والإفطار في شهر رمضان تقية وحيث كان مكرها ، وهكذا الحال بالنسبة إلى مالك فإنه اتقى الأمويين والعباسيين واستدل بقوله تعالى إلا أن تتقوا منهم تقاة على جواز التقية في معرض حديثه عن طلاق المكره ، أما الإمام الشافعي فلا يرى كفارة على الإنسان الذي حلف بالله كذبا تحت الإكراه ، والنووي الشافعي لا يرى القطع بحق السارق كرها وهكذا الحال بالنسبة إلى الأحناف والظاهري والطبري والزيدي [1] ، وقال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين : ( إن عصمة دم المسلم واجبة ، فمهما كان القصد سفك دم مسلم قد اختفى من ظالم فالكذب فيه واجب ) . وأخرج جلال الدين السيوطي في كتاب الأشباه والنظائر : قال : ( ويجوز أكل الميتة في المخمصة ، وإساغة اللقمة في الخمر ، والتلفظ بكلمة الكفر . ولو عم الحرام قطرا بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادرا فإنه يجوز استعمال ما يحتاج إليه ) . وأخرج أبو بكر الرازي الجصاص في كتابه أحكام القرآن في تفسير قوله تعالى : إلا أن تتقوا منهم تقاة [2] .
[1] نقل الأستاذ ثامر العميدي آراء علماء أهل السنة في التقية في كتابه ( دفاع عن الكافي ) 1 : 627 - 656 . فراجع . [2] آل عمران : 28 .