عني . قال : وقلت لجعفر بن محمد : لم منعت الساعي أن يحلف بالله ؟ قال : كرهت أن يراه الله يوحده ويمجده فيحلم عنه ويؤخر عقوبته ، فاستحلفته بما سمعت فأخذه أخذة رابية [1] . هذا وإن المنصور - من أوائل حكمه - كان قد بدأ بسياسة خاصة مع الصادق ، فكان يكتب رسائل مزورة على لسان بعض شيعة أهل البيت ويرسلها بيد أعوانه ، ويحاول أن ينال غرضه عندما يحصل على جوابها ، لكن أحلامه باءت بالفشل ولم يظفر بشئ من ذلك ، للخطة التي اتخذها الإمام ولنظرته الصائبة ورأيه السديد . وإن المنصور - كما قال السيوطي - كان أول من أوقع الفتنة بين العباسيين والعلويين ، وكانوا قبلها شيئا واحدا [2] . وقد زادت سياسة التنكيل والبطش بالعلويين بعد قمع ثورتي النفس الزكية في المدينة وإبراهيم في البصرة ، فجمع المنصور بني هاشم في الربذة وأثقلهم بالحديد والضرب بالسياط حتى اختلطت بدمائهم ولحومهم ، ثم حملهم إلى العراق على أخشن مركب وتوجه بهم إلى الكوفة ، وأودعهم ذلك السجن المظلم الضيق الذي لا يعرف فيه الليل من النهار إلا بأجزاء كان يرتلها علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن [3] . وسلط عليهم شرطة جفاة بعيدين عن الرقة كابتعاده عن الإنسانية فعذبوهم بأمره ، كما أنه أمر أن تترك أجساد الموتى منهم في السجن ، فاشتدت رائحة الجثث على الأحياء ، فكان الواحد منهم يخر ميتا إلى جنب أخيه .