قال : أفتظنون خلفه عند غير عترته وأهل بيته الأقرب فالأقرب ؟ قالوا : لا . قال : أفتشكون أن أهل البيت معدن العلم ، وأصحاب ميراث رسول الله ( ص ) الذي علمه الله ؟ قالوا : اللهم لا [1] . كانت هذه سياسة العباسيين في بدء الأمر ، لكنا نراهم ينحرفون عن هذا النهج ، فصاروا لا يسمحون لشيعة علي بالتحديث [2] عنه وعن رسول الله ! وفي نفس الوقت يدعون أنهم هم آل محمد الذين أكد الرسول على محبتهم ، والمطالبة بحقهم . جاء في خطبة أبي العباس السالفة الذكر : ( يا أهل الكوفة ، أنتم محل محبتنا ، ومنزل مودتنا ، أنتم الذين لم تتغيروا عن ذلك ، ولم يثنكم ذلك تحامل أهل الجور عليكم ، حتى أدركتم زماننا ، وأتاكم الله بدولتنا ، فأنتم أسعد الناس بنا ، وأكرمهم علينا ، وقد زدتكم في أعطياتكم بمائة درهم [3] . وهو مما يؤكد على هذه الحقيقة ، فإنه بعدما طرح أسلوب اللين أردفه بالأسلوب التوعدي والتوبيخي فأخذ يقول : أنا السفاح المبيح ، والثائر المبير . . . بهذا الأسلوب سعوا للسيطرة على الأمة وساقوهم إلى ما يريدون . وإن استغلال الشرف الهاشمي كان أنجح أسلوب اتبعوه في سياستهم ، ولم يكونوا كالأمويين في تعاملهم مع أولاد علي ، بل تستروا بقناع الدعوة إلى أهل البيت والدفاع عن حقوق المظلومين ، ثم ادعوا أنهم أهل البيت وأخذوا في تحريف
[1] الكامل في التاريخ 5 : 362 - سنة 129 . [2] انظر : الكامل في التاريخ وتاريخ بغداد ومقاتل الطالبيين : ص 362 وغيرها من كتب التاريخ وقد وقفت على دور الأمويين قبل ذلك وللمزيد انظر الكامل 3 : 430 . [3] الكامل في التاريخ 5 : 413 - سنة 132 .