ألم يقل أبو سفيان : فوالذي يحلف به أبو سفيان . . لا جنة ولا نار [1] . ألم يكن هو القائل : يا عثمان ، إن الأمر أمر عالمية ، والملك ملك جاهلية فاجعل أوتاد الأرض بني أمية . [2] ؟ ! وروي عنه أنه رفس قبر حمزة وضربه برجله ، وقال : يا أبا عمارة ! إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف ، صار في يد غلماننا ، يتلعبون به [3] ! ألم يكن هؤلاء الغلمة هم المعنيين بقوله ( ص ) : ( هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء قريش ) [4] ؟ ألم يقف يزيد من الحسين ، ومعاوية من علي ، موقف أبي سفيان من رسول الله ، وموقف المشركين من الإسلام ؟ ! وكيف يستأمن بنو مروان على ودائع النبوة ، وقد لعن رسول الله جدهم وأباهم ، بقوله : ( اللهم العن الوزغ بن الوزغ ) ، وطردهما من المدينة ! ! أم كيف يجوز أخذ الأحكام من معاوية ، وهو الذي قال للمغيرة - وذلك عندما طلب منه ترك إيذاء بني هاشم لأنها أبقى لذكره ! ! - : . . . هيهات ! هيهات ! أي ذكر أرجو بقاءه ؟ ! ملك أخو تيم فعدل ، وفعل ما فعل ، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره ، إلا أن يقول قائل : أبو بكر . ثم ملك أخو عدي ، فاجتهد ، وشمر عشر سنين ، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره ، إلا أن يقول قائل : عمر . وأن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات : أشهد أن محمدا رسول الله ، فأي عمل يبقى ؟ وأي ذكر يدوم بعد هذا ! لا أبا لك ! لا والله إلا دفنا دفنا [5] .
[1] الإستيعاب 4 : 1679 ، الأغاني 6 : 356 ، مروج الذهب 2 : 343 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 : 45 . [2] الأغاني 6 : 355 ، تهذيب تاريخ دمشق ، لابن عساكر 6 : 409 . [3] شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد 16 : 136 . [4] المعجم الصغير ، للطبراني : 200 . [5] الأخبار الموفقيات ، للزبير بن بكار : 576 - 577 ، مروج الذهب 3 : 454 ، النصائح الكافية : 116 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 : 238 .