ولم توافق غيرها من المذاهب . هذا وإنا لم نلاحظ في هذا الخبر حكم الأرجل ، هل هو المسح أم الغسل ؟ . . ولكن ، بما أن الثابت عنه هو المسح - وهو ما لا يعجب الحكام - فتركوا ذلك واستفادوا من الدلالة الالتزامية وفعل الثلاث للدلالة على أنه كان يغسل ولا يمسح ! ! كل ذلك ليضعفوا ما له من أخبار مع الحجاج وتأكيده على المسح ! ! ولندرس حديثا آخر : أخرج الطبراني في الصغير ، عن إبراهيم بن أبي عبلة : سألت أنس بن مالك ( رض ) كيف أتوضأ ، ولا تسألني كيف رأيت رسول الله ( ص ) يتوضأ ، رأيت رسول الله يتوضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : بهذا أمرني ربي عز وجل [1] . هذه الرواية كغيرها تؤكد على وجود الخلاف حول الوضوء في العهد الأموي وأن أحد محاور الخلاف الغسل الثلاثي للأعضاء . نحن لا نريد مناقشة هذه الروايات أو تلك ، بل نريد أن ننوه بأن السياسة هي وراء طرح بعض المفاهيم السائدة اليوم . . ولو درسنا تلك النصوص بروح علمية لا يخالطها التعصب ، لوقفنا على حقائق مرة لا يطيق سماعها العامة ! ! بل نرى دور السياسة وتلاعبها في مصادر التشريع عبر تدوين ما يفيدها وطرح ما يغيظها ، ونشاط حركة تدوين الحديث واللغة والتاريخ وما شاكل ذلك جاء وفقا لمتطلبات الحكومات وأهوائها [2] مما يضطرنا إلى تمحيص وتدقيق ملابسات التشريع وزمن تدوين أصولها وبيان ما رافق السنة من ملابسات . وإن توسعتنا لدائرة هذه البحوث لا يعني خروجا عن الموضوعية في البحث وإثارة أمور جانبية نحن في غنى عنها ، بل اعتقادنا أن قوام البحث يبتني على شرح قضايا كهذه ، وقد وضحنا سابقا في مقدمة الكتاب وآلينا على أنفسنا أن ندرس الحدث من جميع جوانبه التاريخية والتشريعية والسياسية ، واعترضنا على
[1] المعجم الصغير : 32 . [2] ستقف على المزيد من ذلك عند دراستنا للعهد العباسي الأول .