فالشريعة كانت تستقبح التصريح بالمقززات والمنفرات في مفرداتها الشرعية ، فاستخدمت ما يماثلها في لغة العرب رعاية للأدب وقد كان ذلك من ديدن العرب العرباء ، فمثلا نراهم يعدلون عن لفظ الفقحة إلى لفظ الدبر رعاية للأدب ، وكذا لفظ المضاجعة والمواقعة والجماع للدلالة على العمل الجنسي بين الطرفين ، والفرج للإشارة إلى العضوين . وبذلك يحتمل أن يكون مجئ حدث وأحدث في الشريعة هو رعاية للأدب وأرادوا بها العدول عن لفظ خرى أو بال أو . . . وعليه فإن لفظ الحدث وكما قلنا موضوع لكون شئ لم يكن ، ثم استعملوها في الناقضية بنحو من العناية وزيادة المؤونة . وعلى فرض كون رواية ) . . . من لم يحدث ( محتملة للوجهين ، فلا يمكن للقائل جعلها وظيفة المتجدد للوضوء فقط ، إذ فيه احتمال آخر ، وحيث جاء الاحتمال بطل الاستدلال . وعلى الرغم من كل ذلك . . فرواية ( . . . من لم يحدث ) تشير بوضوح إلى الإحداث في الدين ، ونؤيد هذا القول بأمرين : الأول : ورود جملة : ( . . . هذا وضوء من لم يحدث . . . ) في قضايا خارجية تكون بمثابة المؤيد والمفسر لما نحن فيه ، كما لاحظنا في قضية : ( شرب فضلة ماء الوضوء واقفا ) ، فإنه إنما شرب فضل وضوئه ، ليصحح ما وقع فيه أولئك واعتبروه خارجا من الدين . الثاني : إن جملة : ( أرني وضوء رسول الله ) في الحديث الأول ، وقوله : ( . . . أين السائل عن وضوء رسول الله . . . ) ، تبينان بأن مسح الرجلين هو من السنة ، وتشيران إلى أن الإمام كان بمقام التعليم وبيان الوضوء النبوي للسائل مقابل الإحداث والإبداع في الوضوء ، فهاتان قرينتان صارفتان عن معنى التبول والتغوط معينتان لمعنى الابتداع واحداث ما لم يكن . وعليه . . فقد أبطلنا قول من ذهب إلى أن ) الحدث ( في الرواية المبحوثة هو