إسم الكتاب : وضوء النبي ( ص ) ( عدد الصفحات : 472)
ويخيل إلي أن الذين يكبرون من أمر ابن سبأ إلى هذا الحد يسرفون على أنفسهم وعلى التاريخ إسرافا شديدا ، وأول ما نلاحظه أنا لا نجد لابن سبأ ذكرا في المصادر المهمة التي قصت أمر الخلاف على عثمان ، فلم يذكره ابن سعد حين قص ما كان من خلافة عثمان أو انتفاض الناس عليه ، ولم يذكره البلاذري في أنساب الأشراف ، وهو فيما أرى أهم المصادر لهذه القصة وأكثرها تفصيلا ، وذكره الطبري عن سيف بن عمر ، وعنه أخذ المؤرخون الذين جاؤوا بعده فيما يظهر . ولست أدري أكان لابن سبأ خطر أيام عثمان أم لم يكن ؟ . . ولكني أقطع بأن خطره - إن كان له خطر - ليس ذا شأن ، وما كان المسلمون في عصر عثمان ليعبث بعقولهم وآرائهم وسلطانهم طارئ من أهل الكتاب أسلم أيام عثمان ! ! ومن أغرب ما يروى من أمر عبد الله بن سبأ هذا أنه هو الذي لقن أبا ذر نقد معاوية فيما يقولون من أن المال هو مال الله ، وعلمه أن الصواب أن يقول : إنه مال المسلمين ! . . ومن هذا التلقين إلى أن يقال : إنه هو الذي لقن أبا ذر مذهبه كله في نقد الأمراء والأغنياء . . . . فالذين يزعمون أن ابن سبأ قد اتصل بأبي ذر فألقى إليه بعض مقاله . . يظلمون أنفسهم ، ويظلمون أبا ذر ، ويرقون بابن السوداء هذا إلى مكانة ما كان يطمع في أن يرقى إليها . والرواة يقولون : إن أبا ذر قال ذات يوم لعثمان بعد رجوعه من الشام إلى المدينة : لا ينبغي لمن أدى زكاة ماله أن يكتفي بذلك حتى يعطي السائل ، ويطعم الجائع ، وينفق في سبيل الله . وكان كعب الأحبار حاضرا هذا الحديث ، فقال : من أدى