وبعد ذلك ورد عليه كتاب من أبي الحسن : ( ابتدئ من الآن يا علي بن يقطين ، توضأ كما أمر الله ، اغسل وجهك مرة فريضة وأخرى إسباغا ، واغسل يديك من المرفقين كذلك ، وامسح بمقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك ، فقد زال ما كان يخاف عليك ، والسلام ) [1] . العباسيون وتأصيل المذاهب الأربعة قدمنا سابقا عناية الحكومة العباسية بالفقه المخالف لآل البيت واحتواء العباسيين لخطي الأثر والرأي . لما في انتشار مذهب آل البيت من تضعيف لخط الحكومة وتقوية لمنافسيهم على منصب الخلافة . وإن احتواءهم لخطي الأثر والرأي هو تعضيد لحكمها وتمسك بالصفة شرعيتها ، لأن رواد الخط الأول لا يرتؤون شرعية الخلافة العباسية خلافا لرواد الخط الثاني ، فإنهم انخرطوا في سلك الدولة وترعرعوا في أحضانها وتولوا منصب القضاء ، واستغلت الدولة قدراتهم وطاقاتهم العلمية في صالحها ، ولذلك ترى الحكومة العباسية تؤكد على رفض آراء الخط الأول ، وإن كان عبد الله بن عباس - جدهم الأعلى - من روادها والدعاة إليها . بعد كل ذلك نحاول المرور سريعا بالمذاهب الأربعة التي أصلت آنذاك قبال مذهب علي وعبد الله بن عباس وأهل البيت ، لنأخذ فكرة إجمالية عنها ، وكيف أن هذه المذاهب جعلت الوضوء الثلاثي الغسلي الذي ركزت عليه الحكومة العباسية كنقطة من نقاط الاختلاف التي يمكن من خلالها معرفة مخالفيها العقائديين والفقهيين .