إسم الكتاب : وضوء النبي ( ص ) ( عدد الصفحات : 472)
وجابر ابن عبد الله الأنصاري ، فإن كان أنس بن مالك قد خلط في آخر عمره وكان يستفتي فيفتي من عقله - كما رواه محمد بن الحسن الشيباني عن أبي حنيفة - فكيف بابن عباس وعلي وجابر بن عبد الله الأنصاري واختلاف النقل عنهما في الأحكام ؟ وهل إنهم قد خلطوا في الأحكام أو أن السياسة نسبت إليهما التناقض ، بل في بعض الأحيان التضاد ؟ ! رأي وتنظير لو دقق الباحث النظر في الأخبار لوقف على دور السياسة في تحريف كثير من الأمور ، فقد ذكر الفخر الرازي في تفسيره : ( في المسائل الفقهية المستنبطة من الفاتحة ) تعارض الروايات المنقولة عن أنس بن مالك في البسملة وأنه تارة يعتبرها جزء من السورة وأخرى ينفيها وفي ثالثة يتوقف عندها . قال الفخر الرازي : أقول ، إن أنسا وابن المغفل خصصا عدم ذكر بسم الله الرحمن الرحيم بالخلفاء الثلاثة ولم يذكروا عليا ، وذلك يدل على إطباق الكل على أن عليا كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم . ثم ساق بعدها كلام الشيخ أبي حامد الأسفرائيني ، وهو : روي عن أنس في الباب ست روايات ، أما الحنفية فقد رووا عنه ثلاث روايات : إحداها قوله : صليت خلف رسول الله ( ص ) وخلف أبي بكر وعمر وعثمان ، فكانوا يستفتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين . وثانيها قوله : إنهم ما كانوا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم . وثالثها قوله : لم أسمع أحدا منهم قال : بسم الله الرحمن الرحيم . فهذه الروايات الثلاث تقوي قول الحنفية . وثلاث أخرى تناقض قولهم : إحداها : ما ذكرنا من أن أنسا روى أن معاوية لما ترك بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة أنكر عليه المهاجرون والأنصار . وقد بينا أن هذا يدل على أن الجهر بهذه الكلمات كالأمر المتواتر فيما بينهم .