ففي الجمل السابقة تعريض ببني أمية ومدح لبني هاشم وعبد المطلب ، إذ أنهم تحملوا أتعاب الدعوة وكانوا معه في شعب أبي طالب ودافعوا عنه بكل ما أوتوا من قوة ، ولم يكونوا كغيرهم حيث دخلوا الإسلام مكرهين ! وكان هذا التمييز الشرعي لا يرضي الأمويين ، بل تراهم يشعرون بالهوان والضعة أمام الهاشميين ، لما يعرفونه من فضل بني هاشم المنافسين لهم ! ومن هنا سعوا - عندما وصلوا إلى الحكم - إلى تغيير بعض تلك المفاهيم التي طرحها رسول الله ، وتأسيس أخرى مكانها ، إذ المطلوب إضفاء الشرعية على ممارساتهم تلك والوقوف أمام علي . . ولذلك أقدم الأمويون على بعض الخطوات لتنفيذ مخططهم المرسوم : خطوات أموية 1 - التشكيك في الأحاديث النبوية الواردة في حق علي ، ووضع أحاديث مشابهة في حق بعض الصحابة ! ! فقد جاء في كتاب معاوية إلى عماله : ( . . . أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل بيته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم ، واكتبوا إلي بكل ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته ) [1] . ولما فشا ذلك ، وكثر الحديث في عثمان . . كتب إليهم : فإذا جاءكم كتابي هذا . . فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ، ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإن هذا أحب إلي ، وأقر لعيني ، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته ، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله [2] .
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11 : 44 . [2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11 : 45 .