وترشح الإرادة الجدية للتقرب به منه تعالى ، فهو صحيح ، وربما كان الرياء في هذه المواقف - لمصالح مترتبة عليه - حسنا . إلا أن مقتضى مطلقات المسألة ، حرمته في هذه الفروض أيضا . ومما يشهد على ذلك الآية السابقة عليها ، وهي قوله تعالى : ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) [1] . وذيل تلك الآية : ( ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان . . . ) [2] إلى آخرها . فإن الآيات في المقام ، لا نظارة لها إلى المسألة الفرعية ، بل هي ناظرة إلى هبوط الأعمال المتعقبة بالمن والأذى ، وأن الانفاق الريائي - لا الانفاق في سبيل الله رياء - يكون مثا له ( كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شئ مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ) [3] . بل ربما يمكن دعوى : أن المقصود إنفاق الكفار ، لا المؤمن المرائي كما لا يخفى . اللهم إلا أن يقال : إن الرياء متقوم بأن يكون صورة العمل أوجدها لله تعالى ، بمعنى أنه لا يكون العمل المحرم - المعلوم عند الكل حرمته - قابلا للرياء فيه ، فهو يتقوم بالعمل الذي يمكن أن يؤتى به لله تعالى ،