الثالث : في أن الرياء في العبادة قد يكون حلالا ثم اعلم : أن الرياء المحرم أو المبطل ، هو الذي لم يكن موجها بوجهة الله تعالى ، فلو كان في إراءته عبادته للناس ، حسنا ووجها إلهيا ، فهي المحللة غير المبطلة ، كما لو أراد بها أن يعلم الناس أنه يعبده ، فهم - تبعا له - يعبدونه ، لعظمة منه في قلوبهم ، واعتقادهم به ، وتكون عبادته برهانا لهم على وجوده تعالى ، ولزوم الخضوع لديه . فهو يعبد الله تعالى ، لإراءة الناس ، حتى يعلموا أنه يعبده تعالى ، ولكن في ذلك وجهة إلهية مطلوبة ، وهي أنهم يعتقدون به ويعبدونه . ولا أظن التزام القائلين باشتراط الخلوص ، بطلان مثلها . وبعبارة أخرى : لو كان الرياء في العبادة ، للعمل بالوظيفة الأخرى الإلهية ، فهو مضافا إلى أنه ليس محرما ليس مبطلا . ودعوى التفصيل بين الوظائف المترتبة عليها ، فما كان مثل المثال السابق فالأمر كما قيل ، وأما لو راءى لرزق عياله الواجب عليه ، أو للواجب الآخر المقارن له فلا ، لظهور بعض الروايات في المنع عنه ، وأنه إذا أخلص عمله لله تعالى ، يسرح عنه فيما يرجوه ويريده [1] . غير مسموعة ، لعدم دلالتها على الأزيد من الرجحان والمحبوبية ، وإطلاق أخبارها منصرف عن مثل ما لو كان في ريائه وجه الله ، فإن ذلك
[1] المحاسن : 254 / 280 ، الكافي 1 : 21 / 33 ، وسائل الشيعة 1 : 61 ، كتاب الطهارة ، أبواب مقدمة العبادات ، الباب 8 ، الحديث 11 .