المشهور أي القول بطهارتهم وقد علمت أنه استشكل في لزوم التطهير بعد زوال التقية ، ومن المعلوم أن مقتضى الاشكال والشك هو البراءة . وبعبارة أخرى : أن المشهور قد أفتوا بجواز معاشرتهم وصيانة أموالهم و دمائهم لكونهم طاهرين ، وصاحب الحدائق يقول بذلك للتقية ، وعلى هذا فلا فائدة في هذا النزاع ولا تترتب عليه ثمرة إلا في موارد نادرة لا تكون هناك تقية حيث يقول صاحب الحدائق هناك بوجوب التحرز والاجتناب دون المشهور . وإن شئت فقل : إن المشهور القائلين باسلامهم لا يقولون به في تمام الشؤون وجميع المراتب ظاهرا وواقعا بل غرضهم ترتب خصوص هذه الأحكام المذكورة من أحكام الاسلام وإلا فهم لو ماتوا على ذلك وبلا توبة يحشرون في الآخرة كفارا . ثم إنه رحمة الله عليه قد نسب القول بالكفر والنجاسة إلى القدماء على ما مر سابقا . ولا يخفى أن هذا غير سديد إلا على ما استفاده من الأخبار من كون مطلق المخالف ناصبيا ومن المعلوم أن كل ناصبي نجس ، وعلى الجملة فقد نسب ما استفاده من الأخبار إلى القدماء وإلا فلا تصريح في كلماتهم على نجاسة العامة بل المتيقن من قولهم هو نجاسة الناصب المصطلح المعروف . 1
1 . أقول : وقد استدل علم الهدى السيد المرتضى أعلى الله مقامه على نجاسة غير المؤمن بقوله تعالى : كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون سورة الأنعام الآية 125 وبقوله تعالى : إن الدين عند الله الاسلام ، سورة آل عمران الآية 19 وقوله تعالى : ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه ، سورة آل عمران الآية 85 والايمان يستحيل مغايرته للاسلام ، فمن ليس بمؤمن ليس بمسلم . ورد عليه فخر المحققين بقوله : وليس بجيد لقوله وتعالى : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا سورة الحجرات الآية 14 ولقوله عليه السلام : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، والمراد بالايمان هنا الاسلام استعمالا للفظ الخاص في العام .