ولكن قد اشتبه عليه الأمر ، واستفاد من الآية خلاف ما كانت الآية بصدده ، فإنها تفيد عدم حصول الطهارة لهم في آن من الآنات ما دام الوصف العنواني ثابتا لهم ، أي ما داموا مشركين ومتصفين بهذا الوصف ، وكلامه صحيح لو كانت العبارة : إنما النجس المشركون ، فكم فرق بين قولنا : إنما زيد شاعر وبين قولنا : إنما الشاعر زيد ، فالأول يقال لمن أراد مثلا تعلم الفقه أو الأصول من زيد فيقال له : إنما زيد شاعر يعني أنه ليس فقيها ولا أصوليا كي تتعلم منه ذلك ، فليس هو إلا شاعرا وأما الثاني فإنه يقال لمن أراد استماع الشعر وتعلمه من زيد وعمرو وبكر فيقال له : إنما الشاعر زيد ، أي إن غير زيد ليس شاعرا بل الشاعر زيد فقط . وما نحن فيه ليس من هذا القبيل بل هو من قبيل الأول لأنه قال : " إنما المشركون نجس " ولم يقل : إنما النجس المشركون ، والحاصل أنه لا اشكال أصلا من ناحية الحصر . ما هو المراد من النجس ؟ النجس والنجاسة بحسب اللغة مطلق القذارة ، وبحسب الشرع قذارة خاصة تترتب عليها أحكام معينة ، وهذا لا كلام فيه ، وإنما الكلام في أن اطلاق النجاسة على هذا المعنى هل هو بعنوان الحقيقة الشرعية وأنه كان يتبادر منه المعنى المزبور عند نزول الآية الكريمة ، أو لم يكن كذلك بل الشارع أفاد هذا المعنى بمعونة القرائن ولا يزال هو كذلك ، كي لا يمكن الحمل على هذا المعنى إلا مع ثبوت القرينة . ادعى كثير من الأعلام أن استعمال النجاسة في هذا المعنى كان منذ زمن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بنحو الحقائق الشرعية ، كما أن الطهارة