عدم اعتقاده في الباطن ، ويجب عليهم أن يتخذوا اقراره طريقا إلى تحقق الاعتقاد في ضميره ، واعتضاد اقراره باللسان باذعانه بالجنان ، نظير اتخاذ الأذان طريقا إلى تحقق الوقت وأمارة على دخوله ، وعلى ذلك فلو علم كذبه ونفاقه فاقراره لا ينفع شيئا . ثانيهما : أن يكون موضوعا طريقيا وعلى هذا فلا يحكم باسلامه إلا إذا اجتمع الاقرار والعقيدة وتقارنا وبعبارة أخرى اللازم تحقق اللفظ نفسه بعنوان أنه طريق إلى عقد القلب واذعان الضمير وتسليم النفس . ثالثها : أن يكون موضوعا محضا ولازم ذلك هو الحكم بالاسلام وجريان أحكامه بمجرد اللفظ ومحض الاقرار . ولا يخفى أن الظاهر من بين هذه الاحتمالات الثلاثة هو الاحتمال الأخير ، ألا ترى أنه عليه السلام قال : به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح و الموارث ؟ ولولا أن المؤثر التام والسبب الوحيد في جريان تلك الأحكام هو نفس الاقرار لما استقام اللفظ ولما صح التعبير بقوله : ( به ) وكذا التعبير بقوله : ( عليه ) . ويؤيده قوله عليه السلام : وعلى ظاهره جماعة الناس . أي سواد الناس و العدة الوافرة ، فإن الجماعة وسواد الناس - إلا نزر يسير وفرقة قليلة - كانوا يقرون بتوحيد الله ورسالة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ولكنهم اتبعوا أئمة الضلال وانحرفوا عن ولاية العترة الطاهرة والأئمة من آل محمد عليهم السلام . ويشهد على ذلك أيضا الحكم باسلام المنافقين في الصدر الأول المعلوم حالهم ، بحيث ورد في حق بعضهم : أنه لم يؤمن بالله طرفه عين ، وكان النبي يساورهم ، وما كان يجتنب عنهم ، وكان يباشرهم مع الرطوبة ويناكحهم و يوارثهم ويعامل معهم معاملة المسلمين وكان يكتفى من الكفار بكلمتي الشهادة