إسم الكتاب : نتائج الأفكار ، الأول ( عدد الصفحات : 246)
المضل وعميل الأجانب قد أضله وأغواه ، فهل يحكم بنجاسته حينئذ أو هو بعد طاهر تبعا لأبويه المسلمين ؟ . أقول : أما الفرض الأول : فالظاهر شمول الأدلة الشارحة لحقيقة الاسلام له ، فإن مفادها إن كل انسان أعلن الشهادتين : الشهادة لله تعالى بالتوحيد وللنبي محمد صلى الله عليه وآله بالرسالة - واعتقد بالله ، وبالنبوات ، والمعاد ، و غيرها من المعتقدات الاسلامية ، فهو مسلم ، وليس البلوغ شرطا في الاسلام ، و ربما يكون غير البالغ أكثر تميزا وأشد اعتقادا وأقوى ايمانا من كثير من البالغين و قد يكون الصبي رشيدا كامل العقل متمكنا من الاستدلال على مبادئه ومعتقداته بنحو لا يتمكن منه إلا الخواص . ويدل على عدم اشتراط الاسلام بالبلوغ اسلام الإمام علي عليه السلام فإنه كان أقدم الصحابة اسلاما ، وأسبقهم ايمانا ، وكان له من العمر حين نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وآله أحد عشر سنة أو اثنا عشر أو ثلاثة عشر سنة فأسلم ولم يبلغ الحلم على ما قيل - وإن كان ذلك لا يخلو عن المناقشة - وبالجملة فهذا الصبي قد أقر بالشهادتين ، واعتنق الاسلام ، واتخذه دينا له ونبراسا لحياته ، فلماذا لم يحكم عليه بحكم الاسلام بعد عدم اشتراط البلوغ ، و أي نقص يتصور في اسلامه ؟ وأما الفرض الثاني : أعني ولد المسلم الذي انحرف وتأثر بعقائد أهل الضلال ، ونفذت فيه الأفكار العليلة ، التي ركزها فيه تزريق السفسطيين أو الملحدين ، حتى أنكر وجود الصانع تعالى ، أو وحدانيته ، أو رسالة محمد رسول الاسلام صلى الله عليه وآله ، أو المعاد ، وأشباه ذلك ، من ضروريات الاسلام ، عن عقل وادراك ، وشعور وتميز ، فهذا يصدق عليه أنه كافر ، ويحكم عليه بالنجاسة .