نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 40
المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية اشتدت والدواعي توفّرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه غيره فيما ذكرناه ، لأنّ القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية ، والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفُوا كلّ شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً ومنقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد ؟ ! قال : والعلم بتفسير القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة ككتاب سيبويه والمُزَني ، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلهما ما يعلمونه من جملتهما ، ومعلوم أنّ العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء . [1] وهناك نكتة أُخرى جديرة بالإشارة ، وهي إنّ تطرّق التحريف إلى المصحف الشريف يعدُ من أفظع الجرائم التي لا يصحّ السكوت عنها ، فكيف سكت الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وخاصّته نظير سلمان والمقداد وأبي ذر وغيرهم مع إنّا نرى أنّ الإمام وريحانة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد اعترضا على غصب فدك مع أنّه لا يبلغ عُشْرَ ما للقرآن من العظمة والأهمية ؟ ! ويرشدك إلى صدق المقال أنّه قد اختلف أُبيّ بن كعب والخليفة الثالث في قراءة قوله سبحانه : ( والّذينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) [2] فأصرّ أُبيّ انّه سمع عن النبي ( بالواو ) وكان نظر الخليفة إلى انّه خال منها ، فتشاجرا عند كتابة المصحف الواحد وإرساله إلى العواصم ، فهدّده أُبيّ وقال : لابد وأن تكتب الآية بالواو وإلاّ
[1] مجمع البيان : 1 / 15 ، قسم الفن الخامس ، طبعة صيدا . [2] التوبة : 34 .
40
نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 40