نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 343
4 . في أصل المذهب الحنفي وغيره انّ القاضي يقضي بعلمه الشخصي في الحوادث ، أي أنّ علمه بالوقائع المتنازع فيها يصح مستنداً لقضائه ، ويغني المدّعي عن إثبات مدّعاه بالبيّنة ، فيكون علم القاضي بواقع الحال هو البيّنة ، وفي ذلك أقضية مأثورة عن عمر وغيره ، ولكن لوحظ فيما بعد انّ القضاة قد غلب عليهم الفساد والسوء وأخذ الرشا ، ولم يعد يختار للقضاء الأوفر ثقة وعفة وكفاية بل الأكثر تزلّفاً إلى الولاة وسعياً في استرضائهم وإلحافاً في الطلب . لذلك أفتى المتأخّرون بأنّه لا يصحّ أن يقضي القاضي بعلمه الشخصي في القضاء بل لابدّ أن يستند قضاؤه إلى البيّنات المثبتة في مجلس القضاء حتى لو شاهد القاضي بنفسه عقداً أو قرضاً أو واقعة ما بين اثنين خارج مجلس القضاء ثمّ ادّعى به أحدهما وجحدها الآخر ، فليس للقاضي أن يقضي للمدّعي بلا بيّنة ، إذ لو ساغ ذلك بعدما فسدت ذمم كثير من القضاة ، لزعموا العلم بالوقائع زوراً ، وميلاً إلى الأقوى وسيلة من الخصمين ، فهذا المنع وإن أضاع بعض الحقوق لفقدان الإثبات لكنّه يدفع باطلاً كثيراً ، وهكذا استقر عمل المتأخرين على عدم نفاذ قضاء القاضي بعلمه . على أنّ للقاضي أن يعتمد على علمه في غير القضاء من أُمور الحسبة والتدابير الإدارية الاحتياطية ، كما لو علم ببينونة امرأة مع استمرار الخلطة بينها وبين زوجها ، أو علم بغصب مال ; فإنّ له أن يحول بين الرجل ومطلقته ، وأن يضع المال المغصوب عند أمين إلى حين الإثبات . [1] أقول : يشترط المذهب الإمامي في القاضي : العدالة والاجتهاد المطلق ، فالقاضي الجائر لا يستحق القضاء ولا ينفذ حكمه . وعلى ضوء ذلك فلا يترتب على عمل القاضي بعلمه أي فساد ، لأنّ العدالة
[1] مصطفى الزرقاء : المدخل الفقهي العام : 2 ، برقم 546 .
343
نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 343