نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 274
يقول ابن قيم الجوزية في تقرير القاعدة : فإذا حرّم الربُّ تعالى شيئاً ، وله طرق ووسائل تُفضي إليه ، فانّه يحرّمها ويمنع منها تحقيقاً لتحريمه وتثبيتاً له ، ومنعاً أن يقرب حماه ، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضاً للتحريم ، واغراءً للنفوس به ، وحكمته تعالى وعلمه يأبى ذلك كلّ الإباء ، بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك ، فانّ أحدهم إذا منع جنده أو رعيته أو أهل بيته من شيء ثمّ أباح لهم الطرق والأسباب والذرائع الموصلة إليه لعدّ متناقضاً ، ولحصل من رعيته وجنده ضدّ مقصوده ، وكذلك الأطباء إذا أرادوا حسم الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصلة إليه ، وإلاّ فسد عليهم ما يرومون إصلاحه ، فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال ، ومن تأمل مصادرها ومواردها علم أنّ اللّه تعالى ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحارم بأن حرّمها ونهى عنها . ثمّ استدل بوجوه كثيرة على إثبات تلك القاعدة بلغت تسعة وتسعين وجهاً [1] فمن أراد فليرجع إليها . [2] وقد أكثر الإمام مالك العمل بهذه القاعدة حتى انّه أفتى لمن رأى هلال شوال وحده أن لا يفطر لئلا تقع ذريعة إلى افطار الفسّاق ، محتجين بما احتج به . ولكن كان في وسع مالك أن يجوِّز له الافطار عملاً بقول الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) « صوموا عند الرؤية وأفطروا عند الرؤية » [3] ، وفي الوقت نفسه يمنعه عن التظاهر به ، ويجمع بين القاعدتين .