نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 227
4 . آية النشأة الأُولى قوله سبحانه : ( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِي العِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشأَها أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيمٌ ) [1] . فإنّ الآية الثانية جواب لما ورد في الآية الأُولى من قوله : ( مَنْ يُحْيِي العِظامَ وَهِيَ رَميمٌ ) فأُجيب بالقياس ، فإنّ اللّه سبحانه قاس مادّة المخلوقات بعد فنائها على بدء خلقها وإنشائها أوّل مرّة ، لإقناع الجاحدين بأنّ من قدر على خلق الشيء وإنشائه أوّل مرّة قادر على أن يعيده بل هذا أهون عليه . يلاحظ عليه : إنّ اللّه سبحانه لم يدخل من باب القياس ، وهو أجل من أن يقيس شيئاً على شيء ، وإنّما دخل من باب البرهان ، فأشار إلى سعة قدرته ووجود الملازمة بين القدرة على إنشاء العظام وإيجادها أوّل مرّة بلا سابق وجوده ، وبين القدرة على إحيائها من جديد ، بل القدرة على الثاني أولى ، فإذا ثبتت الملازمة بين القدرتين والمفروض أنّ الملزوم وهي القدرة على إنشائها أوّل مرّة موجودة ، فلابدّ أن يثبت اللازم ، وهي القدرة على إحيائها وهي رميم ، فأين هو من القياس ؟ ! ولو صحّت تسمية الاستدلال قياساً ، فهو من باب القياس الأولوي الذي فرغنا من كونه خارجاً عن القياس الفقهي ، ويدلّ على ذلك أنّه سبحانه لم يقتصر بهذا البرهان ، بل أشار إلى سعة قدرته بآية أُخرى بعدها وقال : ( أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ بِقادِر عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الخَلاّقُ العَلِيمُ ) [2] . والآيات كسبيكة واحدة والهدف من ورائها تنبيه المخاطب على أنّ استبعاد