نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 174
واتّضح من خلال هذا البحث أمر آخر ربما يكون سبباً للخلط والاشتباه ، وهو أنّ مصدرية العقل للتشريع تحدّد بالإطار السابق ولا يعم استنباط العقل لمصالح الأشياء أو مفاسدها حتى يستنبط بذلك حكم الشرع من الوجوب والحرمة ، وما ذلك إلا لقصور العقل عن الإحاطة بمصالح الأفعال ومفاسدها ، إلاّ إذا كانتا من المصالح والمفاسد النوعية التي اتّفق العقلاء عليهما ، وهذا القسم خارج عن محط النقاش . ومن أراد تسوية إدراك المصالح بحسن الأشياء والمفاسد بقبحها فقد خلط بين البحثين . فالعقل قادر على إدراك حسن أو قبح بعض الأفعال ، وهو أمر وجداني كما عرفت ، وأين هو من قيامه بتحليل الأفعال والوقوف على مصالحها ومفاسدها ، ثمّ استكشاف الحكم الشرعي من خلالها ، فإنّ العقل أقصر من ذلك ، وإلى ذلك يشير الإمام الصادق ( عليه السلام ) ويقول : « إنّ دين اللّه لا يصاب بالعقل » . وفي ظله رفضنا القياس والاستحسان . يقول المحقّق الإصفهاني : أمّا استتباع حكم العقل النظري للحكم الشرعي المولوي ، فمجمل القول فيه إنّ مصالح الأحكام الشرعية المولوية التي هي ملاكات تلك الأحكام ومناطاتها لا تندرج تحت ضابطة ، ولا تجب أن تكون هي بعينها المصالح العمومية المبنى عليها حفظ النظام وإبقاء النوع ، وعليه فلا سبيل للعقل بما هو إليها . [1]