نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 119
وبذلك يعلم انّه لو سوّغنا الاجتهاد للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يخطئ في مجال الإفتاء ، بل ينتهي إلى نفس الواقع . وأمّا باب القضاء ، فاتّفق الجميع على أنّه كان مأموراً بالظواهر دون البواطن سواء أكانت الظواهر مطابقة للواقع أم لا مصالح في ذلك . مع العلم بحقيقة الحال . العلم بالملاك غير الاجتهاد قد تحدثنا آنفاً عن الاجتهاد ، وعرفت أنّه عبارة عن استخراج الحكم من الكتاب والسنّة وهو قد يخطئ وقد يصيب ، وليس الحكم المستخرج مصيباً للواقع على الإطلاق . نعم هناك أمر آخر اختصّ اللّه نبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بهذه الكرامة وهو انّه أدّب رسوله فأحسن تأديبه ، وعلّمه مصالح الأحكام ومفاسدها ، وأوقفه على ملاكاتها ومناطاتها ، ولمّا كانت الأحكام تابعة لمصالح ومفاسد كامنة في متعلّقاتها وقد أطلع اللّه نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليها مع اختلاف درجاتها ومراتبها ، لا يكون الاهتداء إلى أحكامه سبحانه عن طريق الوقوف على عللها ، بأقصر من الطرق التي وقف بها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على حلاله وحرامه . وإلى هذا يشير الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بقوله : « وعقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع ورواية ، فإنّ رواة العلم كثير ورعاته قليل » . [1] فما ورد عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من التشريع ، فإنّما هو تشريع بالعلم بالملاك ، وبإذن خاص منه سبحانه ، وقد ورد في السنّة الشريفة : 1 . إنّ اللّه فرض الصلاة ركعتين ركعتين ، ليكون المجموع عشر ركعات ،