وأمّا عن الروايتين : فبأنّ أيسر ما فيهما موافقة العامّة ، كما هو المعروف من مذهب أبي حنيفة ومالك والأوزاعيّ وابن عمر ، بل نسبه الشيخ إلى جميعهم [1] ، مضافا إلى أنّ الثاني لم يروه إلَّا رجال من العامّة والزيديّة ، كما صرّح به الشيخ أيضا [2] ، على أنّهما غير معلومي الورود في مطلوبه ، لجواز كونهما في الرضاع بعد الفصال ، بل هو الأظهر منهما ، إذ لا يحرم الرضاع الناشر للتحريم ، إلَّا في بعض الأحيان ، كما إذا استلزم فسخ زوجة الرجل بدون إذنه وبعد تسليم الورود فيما هو المقصود ، فقصارى الصحيح منهما الإطلاق ، إذ القلَّة والكثرة من الأمور الإضافية فيجب التقييد بالعشر أو ما فوقها على الخلاف كما ستعرف . وأمّا ما ذكره من الاجتزاء بالوجور ، فقد حكاه العلَّامة [3] والمحقّق الثاني [4] وغيرهما عن المبسوط [5] أيضا ، لكنّ الثابت في عدّة مواضع منه ، أنّه لا اعتبار بالوجور ، ولعلّ ابن الجنيد يستند في ذلك إلى التنقيح ، إذ الغاية المطلوبة إنّما هي النشؤ ، وصريح الخبر : « وجور الصبيّ اللبن بمنزلة الرضاع » [6] وجواب الأوّل : منع كون ذلك هو الغاية مطلقا ، بل عند الامتصاص من الثدي . وأمّا الثاني فمردود بالإرسال وإعراض الطائفة عنه وعدم معلوميّة الورود في مطلوبه ومعارض بالصّحاح : أحدها لمحمّد بن قيس : « قال : سألته عن امرأة حلبت من لبنها فأسقت زوجها