رغما لأنفه برد المغصوب إلى مالكه حتى مع الاحتياج إلى بذل الأجرة . وقد ورد في بعض الروايات [1] أنه لو غصب أحد حجرا ووضعه في أساس البناء ، فإنه يجب عليه رده إلى مالكه وإن توقف ذلك على هدم البناء وتضرر الغاصب ، ومن هنا اشتهر أن الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال . وأما الصورة الثانية ، وهي أن يستند الاستيلاء على مجهول المالك إلى سبب شرعي ، فالظاهر أن مؤونة الفحص على المالك ، بمعنى أن الواحد يصرفها من كيسه عن المالك ، فإذا وجده أخذها منه وإلا فمن المال الذي في يده . والوجه فيه أن يده يد أمانة واحسان ، وما على المحسنين من سبيل ، على أن كون أجرة الفحص على الواجد ضرر عليه وهو منفي ، ولا يقاس ذلك بالصورة الأولى ، فإن اليد فيها كانت يد عدوان لا يد أمانة واحسان كما عرفت . لا يقال : إن الفحص عن المالك واجب على الواجد ، ومن الواضح أن اعطاء الأجرة من مقدماته فتحسب عليه . فإنه يقال : الفحص واجب على الواجد ومقدمته طبيعي بذل المال ، سواء كان من كيسه أم من كيس المالك ، وإذن فلا يتعين البذل على الواجد إلا بدليل خاص ، وهو منفي في المقام ، وعليه فإذا بذل الواجد أجرة الفحص من كيسه رجع على المالك مع الامكان ، وإلا أخذها من المال الذي هو تحت يده ، وإن امتنع الواجد من بذل أجرة الفحص رجع إلى الحاكم الشرعي فيعطيها من بيت المال أو من مجهول المالك .
[1] في النهج ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : الحجر المغصوب في الدار رهن على خرابها ( النهج 3 : 206 ، الحكمة : 240 ، عنه الوسائل 25 : 386 ) ، مرسلة .