وأما المستحب فالمعروف بين الشيعة والسنة [1] هو جواز أخذ الأجرة عليه ، بل هو مقتضى القاعدة الأولية ، إذ لا نرى مانعا عن شمول العمومات الدالة على صحة المعاملات لذلك ، فقد عرفت آنفا أن صفة العبادية وكذا صفة الوجوب لا تنافي الإجارة أو الجعالة ، وكذلك صفة الاستحباب ، فإنها لا تنافيهما بطريق الأولوية . وعلى هذا فلا وجه لتطويل الكلام في تصوير النيابة في المستحبات ، كما لا وجه للفرق فيها بين ما يتوقف ترتب الثواب على قصد التقرب والاخلاص ، كالاتيان بالنوافل والزيارات ، وبين ما لا يتوقف ترتب الثواب على ذلك ، كبناء المساجد والقناطر ونحوهما . من كان أجيرا لغيره في الطواف لم يجز له أن يقصده لنفسه : قوله : فلو استؤجر لإطافة صبي أو مغمى عليه فلا يجوز الاحتساب في طواف نفسه . أقول : قد ذكر الأصحاب هنا وجوها بل أقوالا : 1 - جواز الاحتساب مطلقا ، وقد استظهره المصنف من الشرائع والقواعد على اشكال في الثاني [2] . 2 - عدم جواز الاحتساب مطلقا حتى في صورة التبرع ، وقد حكاه بعض الأعاظم عن بعض الشافعية .
[1] في فقه المذاهب عن المالكية : جوزوا أخذ الأجرة على بعض الأمور المستحبة ، وعن الشافعية : تصح الإجارة على كل مسنون كالأذان والإقامة وعلى ذكر الله كالتهاليل ، وعن الحنابلة : لا تصح الإجارة على كل فعل قربي ( فقه المذاهب 3 : 181 - 195 ) . وقد تقدم رأي الحنفية في الإجارة على الطاعة . [2] الشرايع 1 : 232 ، القواعد : 411 ، الدروس 1 : 322 .