ليس من قبيل أخذ الأجرة على الواجب ، فإن ما أخذت عليه الأجرة ليس بواجب وما هو واجب لم تؤخذ عليه الأجرة . وبما ذكرناه يظهر الحال فيما إذا انحصر الواجب الكفائي في شخص أو الواجب التخييري في نوع ، فإنهما وإن تعينا في ذلك النوع أو على ذلك الشخص حينئذ ، ولكن الواجب على المكلف هو طبيعي الدفن مثلا في الكفائي وطبيعي العتق مثلا في التخييري ، بحيث له أن يدفن الميت في أي مكان يريد ، وله أن يعتق أي فرد من أفراد الرقاب ، فإذا وقعت الإجارة أو الجعالة على تعيين فرد خاص منهما صح ذلك ولم يكن أخذ الأجرة عليه من قبيل أخذ الأجرة على الواجب . ثم إنه لا فارق فيما ذكرناه بين كونهما تعبديين وكونهما توصليين . وقد اتضح من ذلك كله أنه لا جدوى لتطويل الكلام في تحقيق الواجبين التخييري والكفائي ، كما فعله بعض مشائخنا المحققين وغيره . وقد يقال : إن الخصوصيات الفردية وإن لم تكن واجبة بالأصالة على الفرض إلا أنها واجبة بوجوب تبعي مقدمي ، فيكون أخذ الأجرة عليها من قبيل أخذ الأجرة على الواجب . وفيه : أنا قد حققنا في علم الأصول أن وجوب المقدمة إنما هو وجوب عقلي فلا يقاس بالوجوب الشرعي ، ويضاف إلى ذلك أن مقدمية الفرد للكلي ليست من المقدمية المصطلحة كما هو واضح . وأما الواجب العيني ، فإن كان مصب الإجارة أو الجعالة فيه الخصوصية الفردية صح ذلك بلا شبهة ، وقد تقدم نظيره في الواجبين التخييري والكفائي ، وإن كان مصبهما مصب الوجوب فقد علمت اختلاف فقهائنا وفقهاء العامة في حكم أخذ الأجرة على الواجب ،