وقد تقدم في المبحث المذكور ما يرضيك في المقام ويقنعك ، بتخصيص حرمة الهجو بما ذكرناه . وهل يجوز هجو المبدع في الدين أو المخالفين بما ليس فيهم من المعائب ، أو لا بد من الاقتصار فيه على ذكر العيوب الموجودة فيهم . أما هجوهم بذكر المعائب غير الموجودة فيهم من الأقاويل الكاذبة ، فهي محرمة بالكتاب والسنة ، وقد تقدم ذلك في مبحث حرمة الكذب ، إلا أنه قد تقتضي المصلحة الملزمة جواز بهتهم والازراء عليهم ، وذكرهم بما ليس فيهم افتضاحا لهم ، والمصلحة في ذلك هي استبانة شؤونهم لضعفاء المؤمنين ، حتى لا يغتروا بآرائهم الخبيثة وأغراضهم المرجفة ، وبذلك يحمل قوله ( عليه السلام ) : وباهتوهم كي لا يطمعوا في الاسلام [1] . وكل ذلك فيما إذا لم تترتب على هجوهم مفسدة وفتنة ، وإلا فيحرم هجوهم حتى بالمعائب الموجودة فيهم . وقد ظهر من مطاوي ما ذكرناه أن هجو المخالفين قد يكون مباحا ، وقد يكون مستحبا ، وقد يكون واجبا ، وقد يكون مكروها ، وقد يكون حراما ، وبهذا الأخير يحمل قوله ( عليه السلام ) في رواية أبي حمزة عن قذف المخالفين : الكف عنهم أجمل [2] .
[1] قد تقدمت هذه الرواية في البحث عن حرمة سب المؤمن ، وفي البحث عن جواز الاغتياب لحسم مادة الفساد . [2] عن أبي حمزة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قلت له : إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم ، فقال لي : الكف عنهم أجمل - الحديث ( الكافي 8 : 285 ، الرقم 431 ) ، مجهولة للحسن بن عبد الرحمان ، وضعيفة لعلي بن العباس .