المال من غير المأكولات كالدار ونحوها ، وقد تعارف استعماله بذلك في القرآن وفي كلمات الفصحاء بل وفي غير العربية أيضا . وعلى هذا ، فإن كان الاستثناء متصلا كما هو الظاهر والموافق للقواعد العربية فيكون مفاد الآية نفي تملك أموال الغير بالأسباب الباطلة من القمار والغصب والغزو ، وبيع المنابذة والحصاة ، والتقسيم بالأزلام والأقداح ، إلا بسبب يكون تجارة عن تراض ، فتفيد حصر الأسباب الصحيحة للمعاملات بالتجارة عن تراض . وإن كان الاستثناء منقطعا ، فظهور الآية البدوي وإن كان هو بيان القاعدة الكلية لكل واحد من أكل المال بالباطل والتجارة عن تراض ولا تعرض لها للحصر . وتظهر ثمرة ذلك فيما لا يعد في العرف من الأسباب الباطلة ، ولا من التجارة عن تراض ، فيكون مهملا ، إلا أنه تعالى حيث كان بصدد بيان الأسباب المشروعة للمعاملات وتميز صحيحها عن فاسدها وكان الاهمال مما يخل بالمقصود فلا محالة يستفاد الحصر من الآية بالقرينة المقامية . وتكون النتيجة أن الآية مسوقة لبيان حصر الأسباب الصحيحة بالتجارة تراض ، سواء كان الاستثناء متصلا أم منقطعا . ومما يدل على كون الآية راجعة إلى أسباب المعاملات تطبيقها في بعض الروايات على القمار [1] .
[1] أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن أبيه ، قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) في قول الله عز وجل : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، قال : ذلك القمار ( نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 167 ، عنه الوسائل 17 : 167 ) ، موثقة . العياشي في تفسيره عن أسباط بن سالم ، قال : كنت عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) فجاء رجل فقال : أخبرني عن قول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، قال : يعني بذلك القمار - الحديث ( تفسير العياشي 1 : 235 ، عنه الوسائل 17 : 166 ) . وعن محمد بن علي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) سأل عن الآية ، قال : نهي عن القمار ، وكانت قريش يقامر الرجل بأهله وماله فنهاهم الله عن ذلك ( تفسير العياشي 1 : 236 ، عنه الوسائل 17 : 166 ) . فائدة : إعلم أن صاحب التفسير أبو النضر محمد بن مسعود بن محمد بن عياش السلمي السمرقندي المعروف بالعياشي ، وإن كان ثقة صدوقا عينا من عيون هذه الطائفة وكبيرها ، ولكن لم يثبت لنا اعتبار التفسير للارسال . قال المحدث الحر في خاتمة الوسائل في الفائدة الرابعة : كتاب تفسير القرآن لمحمد بن مسعود العياشي ، وقد وصل إلينا النصف الأول منه ، غير أن بعض النساخ حذف الأسانيد واقتصر على راو واحد . وفي البحار 1 : 28 : كتاب تفسير العياشي ، روي عنه الطبرسي وغيره ، ورأينا منه نسختين قديمتين ، وعد في كتب الرجال من كتبه لكن بعض الناسخين حذف أسانيده للاختصار ، وذكر في أوله عذرا هو أشنع من جرمه . وقال الشيخ ( رحمه الله ) في رجاله ممن لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) ( الرجال : 440 ، الرقم : 6282 ) : محمد بن مسعود بن محمد بن عياش السمرقندي يكني أبا النضر ، أكثر أهل المشرق علما وأدبا وفضلا وفهما ونبلا في زمانه ، صنف أكثر من مائتي مصنف ذكرناها في الفهرست ، وكان له مجلس للخاص ومجلس للعام ( عليهم السلام ) . وقال النجاشي ( الرجال : 350 ، الرقم : 944 ) أبو النضر المعروف بالعياشي ، ثقة صدوق عين من عيون هذه الطائفة ، وكان يروى عن الضعفاء كثيرا ، وكان في أول أمره عامي المذهب ، وسمع حديث العامة فأكثر ، ثم تبصر وعاد إلينا ، وأنفق على العلم والحديث تركة أبيه سائرها و كانت ثلاثمائة ألف دينار ، وكانت داره كالمسجد بين ناسخ أو مقابل أو قار أو معلق ، مملوءة من الناس .