وقد يستدل على حرمتها بجملة من الآيات : منها : قوله تعالى : ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار [1] ، بدعوى أن النمام قاطع لما أمر الله بصلته ويفسد في الأرض فسادا كبيرا فتلحق له اللعنة وسوء الدار . وفيه : أن الظاهر من الآية ولو بمناسبة الحكم والموضوع هو توجه الذم إلى الذين أمروا بالصلة والتوادد ، فأعرضوا عن ذلك . ومن هنا قيل [2] : إن معنى الآية أنهم أمروا بصلة النبي والمؤمنين فقطعوهم ، وقيل : أمروا بصلة الرحم والقرابة فقطعوها ، وقيل : أمروا بالايمان بجميع الأنبياء والكتب ففرقوا وقطعوا ذلك ، وقيل : أمروا أن يصلوا القول بالعمل ففرقوا بينهما ، وقيل : معنى الآية أنهم أمروا بوصل كل من أمر الله بصلته من أوليائه والقطع والبراءة من أعدائه ، وهو الأقوى لأنه أعم ، ويدخل فيه جميع المعاني . وعلى كل حال فالنمام لم يؤمر بالقاء الصلة والتوادد بين الناس لكي يحرم له قطع ذلك فالآية غربية عنه . وأما الاستدلال على الحرمة [3] بقوله تعالى : ويفسدون في الأرض - الخ ، فإنه وإن كان صحيحا في الجملة ، كما إذا كانت النميمة بين العشائر والسلاطين ، فإنها كثيرا ما تترتب عليها مفسدة مهمة ، ولكن الاستدلال بها أخص من المدعي ، إذ لا تكون النميمة فسادا في الأرض في جميع الموارد وإن أوجبت العداوة والبغضاء غالبا .
[1] الرعد : 25 . [2] راجع مجمع البيان ط صيدا 1 : 70 ، سورة البقرة : 187 . [3] كما عن كاشف الغطاء في شرح القواعد : 20 ( مخطوط ) ، أنظر الجواهر 22 : 73 .