كانت أم انشائية ، بل يشترك فيها جميع الألفاظ الموضوعة ، مفردة كانت أم مركبة . والوجه فيه أن دلالة اللفظ على معناه بحسب العلقة الوضعية أمر ضروري فلا يعقل الانفكاك بينهما في مرحلة الاستعمال إلا بانسلاخ اللفظ عن معناه بالقرائن الخارجية ، وهذه الدعاوي النفسانية على قسمين : 1 - أن تكون أمرا اعتباريا محضا وقائما بنفس المعتبر ، بأن يعتبر في نفسه شيئا ثم يظهره في الخارج بمبرز من لفظ أو غيره من دون قصد للحكاية عن شئ ، وهذا يسمى انشاء ولا يتصف بالصدق والكذب بوجه ، لأنه شئ يقوم بالاعتبار الساذج كما عرفت . 2 - أن تكون حاكية عن شئ آخر ، سواء كان هذا المحكي من القضايا الخارجية كقيام زيد في الخارج ، أم من الأوصاف النفسانية كالعلم والشجاعة والسخاوة ونحوها ، وهذه الحكاية إن طابقت للواقع المحكي اتصفت الدعاوي المذكورة بالصدق وإلا فهي كاذبة ، وأما اتصاف الجمل الخبرية بهما فمن قبيل اتصاف الشئ بحال متعلقه ، كرجل منيع جاره ، ومؤدب خدامه ، ورحب فناؤه . فتحصل من جميع ما ذكرناه أن المراد من المطابق - بالكسر - هو مراد المتكلم أي الدعاوي النفسانية لا ظهور كلامه كما توهم ، وأن المراد من المطابق - بالفتح - هو الواقع ونفس الأمر المحكي بالدعاوي النفسانية . وإذا عرفت ما تلوناه عليك فنقول : لا شبهة في خروج التورية عن الكذب موضوعا ، فإنها في اللغة بمعنى الستر [1] ، فكأن المتكلم وارى
[1] في مجمع البحرين : وريت الخبر - بالتشديد - تورية إذا سترته وأظهرت غيره ، حيث يكون للفظ معنيان : أحدهما أشيع من الآخر وتنطق به وتريد الخفي ( مجمع البحرين 1 : 436 ) .