1 - إن الغيبة هنا احسان في حقه ، فإنها وإن اشتملت على هتكه وإهانته إلا أنه توجب انقاذه من المهلكة الأبدية والعقوبة الأخروية . 2 - إن عمومات النهي عن المنكر شاملة لذلك . أما الوجه الأول ، ففيه أولا : أن الدليل أخص من المدعي ، إذ ربما لا يرتدع المقول فيه عن فعل المنكر ، وثانيا : أن الغيبة محرمة على المغتاب - بالكسر - ولا يجوز الاحسان بالأمر المحرم ، فإنه إنما يتقبل الله من المتقين ، وهل يتوهم أحد جواز الاحسان بالمال المغصوب والمسروق إلا إذا كان أعمى البصيرة ، كبعض المنحرفين عن الصراط المستقيم . ودعوى رضي المقول فيه حينئذ بالغيبة جزافية ، فإنها مضافا إلى بعدها أن رضاه لا يرفع الحرمة التكليفية . وأما الوجه الثاني ، ففيه أنه لا يجوز ردع المنكر بالمنكر لانصراف أدلته عن ذلك ، وإلا لجاز ردع الزناة بالزناء باعراضهم ، وردع السراق بسرقة أموالهم ، نعم قد ثبت جواز دفع المنكر بالمنكر في موارد خاصة ، كما يتضح ذلك لمن يلاحظ أبواب النهي عن المنكر وأبواب الحدود ، وقد تقدم في البحث عن حرمة السب جواز شتم المبدع والوقيعة فيه والبهت عليه بل وجوبها ، كما يظهر من بعض الروايات المتقدمة في المبحث المذكور . هذا كله فيما إذا لم يكن ردع ذلك المنكر مطلوبا من كل أحد وإلا وجب ردعه على كل من اطلع عليه بأي نحو اتفق ، كمن تصدى لقتل النفوس المصونة وهتك الأعراض المحترمة وأخذ الأموال الخطيرة ، فإن منعه واجب بما هو أعظم من الغيبة فضلا عنها ، لأن حفظ الأمور المذكورة أهم في نظر الشارع من ترك الغيبة ونحوها ، وقد تقدمت الإشارة إلى حكم مزاحمة ترك الغيبة بما هو أهم منه .