لما كان غناء ، ومثاله قراءة القرآن والأدعية والخطب ، والأشعار المشتملة على الحكم والمواعظ ومدائح الأنبياء والأوصياء وأعاظم الدين ومصائبهم ورثائهم . نعم قد يتوهم صدق الغناء على رفع الصوت وترجيعه بالأمور المذكورة لجملة من التعاريف المتقدمة ، فيكون مشمولا لاطلاقات حرمة الغناء ، ولكنك قد عرفت أنها تعاريف لفظية وإنما سيقت لمجرد شرح الاسم فقط ، وإن كان بلفظ أعم فلا تكون مطردة ولا منعكسة . وعليه فلا وجه لما ذكره بعضهم من عد المراثي من المستثنيات من حرمة الغناء ، فإنها خارجة عنه موضوعا كما عرفت . وإذا ثبت كونها غناء فلا دليل على الاستثناء الذي يدعيه هؤلاء القائلون ، وسيأتي بيانه إن شاء الله . 2 - أن يكون الصوت بنفسه مصداقا للغناء وقول الزور واللهو المحرم ، كألحان أهل الفسوق والكبائر التي لا تصلح إلا للرقص والطرب ، سواء تحققت بكلمات باطلة أم تحققت بكلمات مشتملة على المعاني الراقية كالقرآن ونهج البلاغة والأدعية . نعم وهي في هذه الأمور المعظمة وما أشبهها أبغض لكونها هتكا للدين ، بل قد ينجر إلى الكفر والزندقة ، ومن هنا نهي في بعض الأحاديث عن قراءة القرآن بألحان أهل الفسوق والكبائر [1] ، أو بألحان
[1] عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اقرأوا القرآن بألحان العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر ، فإنه سيجئ بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية ( الكافي 2 : 614 ) ، ضعيفة لإبراهيم الأحمر .