وهذا لا شبهة فيه ، وإنما الكلام في تحقيق موضوع السحر وبيان حقيقته . وقد اختلفت كلمات أهل اللغة في ذلك [1] ، فذكر بعضهم : أنه الخدعة والتمويه ، وقال بعضهم : إنه إظهار الباطل بصورة الحق ، وقيل : هو الآخذة في العين ، وفي القاموس : أنه ما لطف مأخذه ودق ، وقال بعضهم : إنه صرف الشئ عن وجهه إلى غير حقيقته بالأسباب الخفية على سبيل الخدعة والتمويه ، إلى غير ذلك من التعاريف . وقد وقع الخلاف بين الأصحاب في ذلك أيضا ، فعن العلامة في
[1] في لسان العرب : ومن السحر الآخذة التي تأخذ العين حتى يظن أن الأمر كما يرى وليس الأصل على ما يرى ، والسحر الآخذة وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر ، قال الأزهري : وأصل السحر صرف الشئ عن حقيقته إلى غيرها ، فكان الساحر لما أرى الباطل في صورة الحق خيل الشئ على غير حقيقته ، فقد سحر الشئ عن وجهه أي صرفه ، وقال الفراء في قوله تعالى : فأنى تسحرون ، معناه : فأنى تصرفون ، وقال يونس : تقول العرب للرجل : ما سحرك عن وجه كذا وكذا ، أي صرفك ( لسان العرب 4 : 348 ) . وفي أقرب الموارد : سحره سحرا عمل له السحر وخدعه ، وسحر فلانا عن الأمور صرفه ، ويقال : سحرت الفضة إذا طليتها بالذهب ، وقيل : السحر والتمويه يجريان مجري واحدا . وفي مجمع البحرين : قوله تعالى : فأنى تسحرون أي فكيف تخدعون عن توحيده ويموه لكم ، ويسمى السحر سحرا لأنه صرف جهته ( مجمع البحرين 3 : 324 ) . وفي مفردات الراغب : نحن قوم مسحورون أي مصروفون عن معرفتنا بالسحر ( المفردات : 225 ) . وفي المنجد : سحره خدعه ، وسحره عن كذا صرفه وأبعده ، وسحر الفضة طلاها بالذهب ( المنجد : 322 ) .