وتدل على حرمتها في الجملة الروايات المتظافرة ، وسنذكرها في الحاشية ، وقوله تعالى : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم [1] . ووجه الدلالة أنه تعالى نهى عن الادلاء بالمال إلى الحكام لابطال الحق وإقامة الباطل حتى يأكلوا بذلك فريقا من أموال الناس بالإثم والعدوان ، وهذا هو معنى الرشوة ، وإذا حرم الاعطاء حرم الأخذ أيضا للملازمة بينهما . لا يقال : إن الآية إنما نزلت في خصوص أموال اليتامى والوديعة والمال المتنازع فيه ، وقد نهى الله تعالى فيها عن اعطاء مقدار من تلك الأموال للقضاة والحكام لأكل البقية بالإثم والعدوان ، وعلى هذا فهي أجنبية عن الرشوة . فإنه يقال : نعم قد فسرت الآية الشريفة بكل واحدة من الأمور المذكورة [2] ، إلا أن هذه التفاسير من قبيل بيان المصداق والقرآن لا يختص بطائفة ولا بمصداق بل يجري كجري الشمس والقمر ، كما دلت عليه جملة من الروايات ، وقد ذكرناها في مقدمة التفسير ، على أن في مجمع البحرين عن الصحاح : أن قوله تعالى : وتدلوا بها إلى الحكام ، يعني الرشوة [3] .
[1] البقرة : 184 . [2] في تفسير التبيان : قوله تعالى : وتدلوا بها إلى الحكام ، وقيل في معناه قولان : أحدهما قال ابن عباس والحسن وقتادة أنه الوديعة وما تقوم به بينة ، الثاني قال الجبائي : في مال اليتيم الذي في يد الأوصياء ( التبيان 1 : 208 ) . [3] وفي مجمع البحرين عن الصحاح : وتدلوا بها إلى الحكام ، يعني الرشوة ( مجمع البحرين 1 : 145 ) .