إلى حرمة مطلق التشبيب [1] . وقد استدل القائلون بالحرمة بوجوه : 1 - إن التشبيب هتك للمشبب بها وإهانة لها فيكون حراما . وفيه أولا : لو سلمنا كون التشبيب هتكا لها فإن ذلك لا يختص بالشعر ، كما لا يختص بالمؤمنة المعروفة المحترمة ، فإنه لا فرق في حرمة الهتك بين أفراد الناس من المحرم وغير المحرم ، والزوجة وغير الزوجة ، والمخطوبة وغير المخطوبة ، فإن هتك جميعها حرام عقلا وشرعا ، وأيضا لا فرق في الشعر بين الانشاء والانشاد . وثانيا : إن النسبة بين عنواني الإهانة والتشبيب هي العموم من وجه ، فإن الشاعر أو غيره قد يذكر محاسن امرأة أجنبية في حال الخلوة بحيث لا يطلع عليه أحد ليلزم منه الهتك ، أو يكون التوصيف واظهار محاسنها وذكر جمالها مطلوبا ، سواء كان ذلك بالنظم أم بغيره ، كما إذا سأل سائل عن بنات أحد الأعاظم والملوك ليخطب منهن واحدة ، فهل يتوهم أحد أن توصيفها بالجمال والكمال والأدب والأخلاق حرام ، وكثيرا ما يتحقق عنوان الهتك من دون تحقق التشبيب ، وقد يجتمعان ، وعليه فلا ملازمة بينهما دائما .
[1] في فقه المذاهب الأربعة بعد أن حكم بإباحة الغناء قال : فلا يحل التغني بالألفاظ التي تشمل على وصف امرأة معينة باقية على قيد الحياة ، لأن ذلك يهيج الشهوة إليها ، ويبعث على الافتتان بها ، ومثلها في ذلك الغلام الأمرد ( فقه المذاهب الأربعة 2 : 42 ) . وفيه عن الغزالي لا أعلم أحدا من علماء الحجاز كره السماع إلا ما كان في الأوصاف ، وعن الحنفية : التغني المحرم ما كان مشتملا على ألفاظ لا تحل ، كوصف الغلمان ، والمرأة المعينة التي على قيد الحياة ( فقه المذاهب الأربعة 2 : 43 ) .