وقد يستدل على ذلك بالروايات العامة المتقدمة في أول الكتاب ، ولكنه فاسد لما فيها من ضعف السند والدلالة ، وظهورها في الحرمة التكليفية كما عرفت . والذي ينبغي أن يقال : إن الروايات قد تواترت من طرقنا ومن طرق العامة على حرمة الانتفاع بآلة اللهو في الملاهي والمعازف [1] ، وأن الاشتغال بها والاستماع إليها من الكبائر الموبقة والجرائم المهلكة ، وإن ضربها ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الخضرة ، ويتسلط عليه شيطان ينزع منه الحياء ، وأنه من عمل قوم لوط ، وفي سنن البيهقي : يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير . بل من الوظائف اللازمة كسرها واتلافها حسما لمادة الفساد ، وليس في ذلك ضمان بالضرورة ، وفي بعض أحاديث العامة : أن رجلا كسر طنبورا لرجل فرفعه إلى شريح فلم يضمنه [2] . إذن فالمسألة من صغريات الضابطة الكلية التي ذكرناها في البحث عن حرمة بيع هياكل العبادة المبتدعة ، وعليه فالحق هو حرمة بيع آلات اللهو وضعا وتكليفا ، على أنه ورد في الحديث ما يدل على حرمة بيع آلات الملاهي وشرائها وحرمة ثمنها والتجارة فيها ، ولكنه ضعيف السند [3] .
[1] سنتعرض لهذه الأخبار المنقولة من الفريقين في البحث عن حرمة الغناء . [2] راجع سنن البيهقي 6 : 101 . [3] ذكر الشيخ أبو الفتوح في تفسيره عن أبي أمامة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : إن الله بعثني هدى ورحمة للعالمين ، وأمرني أن أمحو المزامير والمعازف ، والأوتار والأوثان ، وأمور الجاهلية - إلى أن قال : - إن آلات المزامير شراؤها وبيعها وثمنها والتجارة بها حرام ( تفسير أبو الفتوح الرازي 4 : 269 ، عنه المستدرك 13 : 219 ) ، مرسلة .