دالا على عدم جواز تنجيس البدن ، أو من باب الأفعال فلا يمكن الاستناد إليها في عدم جواز الاستعمال مطلقا . فإنه يقال : إن ظاهر الرواية هو النهي عن طلي البدن بالدهن المتنجس ، ومن الواضح أن الادهان من الأفعال بمعنى الخدعة ، وأن الذي بمعنى الطلي هو من باب الافتعال . والذي ينبغي أن يقال : إن جواز الانتفاع بهذا الدهن في غير الموارد المنصوصة وعدم جوازه مبني على تحقيق الأصل في الانتفاع بالمتنجس ، فهل الأصل يقتضي جواز ذلك أو حرمته حتى يخرج الخارج بالدليل ، فذهب جمع من الأصحاب إلى الثاني ، وقال جمع من المتأخرين بالأول ، وهو الأقوى ، وهو مقتضى أصالة البراءة الثابتة بالأدلة المستفيضة . ويدل هذا الأصل على إباحة ما لم يرد فيه نهي وحليته ، ومن البين أن الانتفاع بالمتنجس في غير ما هو مشروط بالطهارة من صغريات ذلك . قوله : وقاعدة حل الانتفاع بما في الأرض . أقول : لا وجه لهذه القاعدة إلا قوله تعالى : هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا [1] ، ولكن الآية ليست بدالة على جواز الانتفاع بجميع ما في الأرض ليكون الانتفاع بالمتنجس من صغرياته ، بل هي : أما ناظرة إلى بيان أن الغاية القصوى من خلق الأجرام الأرضية وما فيها ليس إلا خلق البشر وتربيته وتكريمه ، وأما غير البشر فقد خلقه الله تعالى تبعا لخلق الانسان ومقدمة له ، ومن البديهي أن هذا المعنى
[1] البقرة : 19 . وفي مجمع البيان : المعنى أن الأرض وجميع ما فيها نعم من الله تعالى مخلوقة لكم ، أما دينية فتستدلون بها على معرفته ، وأما دنياوية فتنتفون بها بضروب النفع عاجلا .