على أن كلمة : لا يصلح فيها ظاهرة في الكراهة المصطلحة دون الحرمة . كما أن قوله ( عليه السلام ) في رواية الأصبغ : لا يجد العبد طعم الايمان حتى يترك الكذب هزله وجده [1] ، لا يستفاد منه أزيد من الكراهة ، فإن المكروهات مانعة أيضا عن وجدان المؤمن طعم ايمانه ، وكذلك ظهر الجواب عن رواية الخصال [2] . بيان حقيقة الوعد وأقسامه : قوله : وكيف كان فالظاهر عدم دخول خلف الوعد في الكذب . أقول : لا بأس بتوضيح حقيقة الوعد وبيان حكم الخلف فيه ، أما حقيقة الوعد فإنه يتحقق بأحد أمور ثلاثة : 1 - أن يخبر المتكلم عن عزمه على الوفاء بشئ ، كان يقول لواحد : إني عازم على أن أعطيك درهما ، أو إني ملتزم بالمجئ إلى ضيافتك ، أو على اعظامك واكرامك ، ولا شبهة في كون هذا من أفراد الخبر ، غاية الأمر أن المخبر به من الأفعال النفسانية ، أعني العزم على الفعل الخارجي ، نظير الاخبار عن سائر الأمور النفسانية ، من العلم والظن والشك والوهم . وعليه فإن كان حين الاخبار عازما فهو صادق وإلا فهو كاذب ، فتشمله أدلة حرمة الكذب ويكون خارجا عن المقام .
[1] الكافي 2 : 255 ، المحاسن : 118 ، عنهما الوسائل 12 : 250 ، مجهولة لقاسم بن عروة . [2] عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : أنا زعيم بيت في ربض الجنة ، وبيت في وسط الجنة ، وبيت في أعلى الجنة ، لمن ترك المراء وإن كان محقا ، ولمن ترك الكذب وإن كان هازلا ، ولمن حسن خلقه ( الخصال 1 : 144 ) ، مجهولة .